كتاب الأسئلة والأجوبة الفقهية (اسم الجزء: 5)

إن لم يكن مالكه محتاجًا إليه وخرج بعض العلماء وجوب إعارة الكتب لمحتاج إليها من القضاة والحكام وأهل الفتاوى، وتجب إعارة كل شيء مضطر إليه مع بقاء عينه إذ دفع الضرر عن المعصوم واجب وإذا لم يندفع ضرره إلا بالإعارة، فالإعارة واجبة، ويأتي في الأطعمة أن من اضطر إلى نفع مال الغير وجب بذله له مجانًا مع بقاء عينه وعدمحاجة ربه إليه، وقال ابن الجوزي: ينبغي لمن ملك كتابًا أن لا يبخل في إعارته لمن هو أهله وكذلك ينبغي إفادة الطالب بالدلالة على الأشياخ وتفهيم المشكل. انتهى.
قلت: هذا إذا كان من الكتب النافعة المستقيم أصحابها وكذا الأشياخ، وتحرم إعارة قن مسلم لكافر لخدمة الكافر كما تحرم إجارته لها؛ فإن أعاره أو أجرة العمل في الذمة غير الخدمة صحتا وتقدم، وتحرم إعارة صيد لمحرم؛ لأن إمساكه له محرم كما تحرم إعارة ما يحرم استعماله لشخص ممنوع شرعًا كنحو طيب أو مخيط لمحرم؛ لأنه معاونة على الإثم والعدوان؛ فإن أعار الصيد للمحرم فتلف بيد المحرم ضمنه لله الجزاء وللمالك بالقيمة.
وتحرم إعارة آنية لمن يتناول بها محرمًا من نحو خمر ويحرم إعارة سينماء ويحرم إعارة تلفزيون ومذياع وآلة تصوير؛ لأنها من المحرمات وإعارتها إعانة على الإثم والعدوان نشر للفساد وتشجيع على المعاصي المتعدي
ضررها وتعظيم لأعداء الله، ومن تأمل هذه المنكرات حق التأمل علم
أنها من مكائد الشيطان وخيله وأصواته ولم يتوقف في تحريمها
والمنع منها ولا عبرة بمن زين له اقتناؤها واتبع هواه واستحسنها واستعملها، قال ابن القيم –رحمه الله-: إذا أشكل حكم شيء هل هو الإباحة أو التحريم؟ فلينظر إلى مفسدته وثمرته وغايته؛ فإن كان مشتملًا على مفسدة راجحة ظاهرة، فإنه يستحيل على الشارع الأمر به أو إباحته، بل العلم بتحريمه قطعي ولاسيما إذا كان طريقًا مفضيًا إلى ما يغضب الله ورسوله

الصفحة 388