كتاب موسوعة التفسير المأثور (اسم الجزء: 5)

يحقرون مَن دونهم (¬١). (ز)


{وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ}

قراءات:
١٢٠٤١ - عن الأعمش، قال: في قراءة عبد الله بن مسعود: (وإنْ حَقِيقَةُ تَأْوِيلِهِ عِندَ اللهِ والرّاسِخُونَ فِي العِلْمِ يَقُولُونَ آمَنّا بِهِ) (¬٢). (٣/ ٤٥٨)
١٢٠٤٢ - عن عبد الله بن عباس -من طريق طاووس- أنّه كان يقرؤها: (وما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إلّا اللهُ ويَقُولُ الرّاسِخُونَ فِي العِلْمِ آمَنّا بِهِ) (¬٣) [١١١٤]. (٣/ ٤٥٨)

تفسير الآية:
١٢٠٤٣ - عن عبد الله بن مسعود، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: «كان الكتابُ الأوَّلُ ينزل من باب واحد على حرف واحد، ونزل القرآنُ من سبعة أبواب على سبعة أحرف: زاجِر، وآمِر، وحلال، وحرام، ومحكم، ومتشابه، وأمثال؛ فأحِلُّوا حلالَه، وحرِّموا حرامَه، وافعلوا ما أُمِرْتُم به، وانتهوا عَمّا نُهِيتُم عنه، واعْتَبِرُوا بأمثالِه، واعْمَلُوا بمُحْكَمِه، وآمنوا بمُتَشابِهه، وقولوا: {آمنا به كل من عند ربنا}» (¬٤). (٣/ ٤٥٦)
---------------
[١١١٤] اختلف القُرّاءُ في الوقف في هذه الآية؛ فمنهم من يقف على قوله: {إلا الله}. ومنهم مَن يقف عند قوله: {والراسخون في العلم}.
وصَوَّب ابنُ تيمية (٢/ ٢٥) كليهما، فقال: «وكلتا القراءتين حقٌّ، ويُراد بالأولى المتشابه في نفسه الذي استأثر الله بعلم تأويله، ويُراد بالثانية المتشابه الإضافي الذي يعرف الراسخون تفسيرَه، وهو تأويله. ومثل هذا يقع في القرآن كقوله: {وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال} و» لَتَزُولُ «، فيه قراءتان مشهورتان بالنفي والإثبات، وكُلُّ قراءةٍ لها معنًى صحيحٌ».
_________
(¬١) أخرجه ابن المنذر ١/ ١٣٣ - ١٣٤.
(¬٢) أخرجه ابن أبي داود في المصاحف ص ٥٩.
وهي قراءة شاذّة. ينظر: البحر المحيط ٢/ ٤٠١.
(¬٣) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ١/ ١١٦، وابن جرير ٥/ ٢١٨، وابن المنذر (٢٥٤)، وابن الأنباري في كتاب الأضداد ص ٤٢٦، والحاكم ٢/ ٢٨٩. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.
وهي قراءة شاذّة. ينظر: البحر المحيط ٢/ ٤٠١.
(¬٤) أخرجه ابن حبان ٣/ ٢٠ (٧٤٥)، والحاكم ١/ ٧٣٩ (٢٠٣١)، ٢/ ٣١٧ (٣١٤٤)، وابن جرير ١/ ٦٢ - ٦٣.
قال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه». وقال الذهبي في التلخيص: «منقطع». وقال الطحاوي في مشكل الآثار ٨/ ١١٥ (٣١٠٣): «كان أهل العلم بالأسانيد يدفعون هذا الحديث؛ لانقطاعه في إسناده، ولأنّ أبا سلمة لا يَتَهَيَّأ في سِنِّه لقاءُ عبد الله بن مسعود، ولا أخذُه إيّاه عنه». وقال ابن حجر في الفتح ٩/ ٢٩: «قال ابن عبد البر: هذا حديث لا يثبت؛ لأنّه من رواية أبي سلمة بن عبد الرحمن عن ابن مسعود، ولم يَلْقَ ابنَ مسعود، وقد رَدَّه قومٌ مِن أهل النظر؛ منهم أبو جعفر أحمد بن أبي عمران. قلتُ: وأطنب الطبريُّ في مقدّمة تفسيره في الرَّدِّ على مَن قال به، وحاصله: أنّه يستحيل أن يجتمع في الحرف الواحد هذه الأوجه السبعة، وقد صحّح الحديثَ المذكور ابنُ حبان، والحاكمُ، وفي تصحيحه نظر؛ لانقطاعه بين أبي سلمة وابن مسعود، وقد أخرجه البيهقي مِن وجهٍ آخر عن الزهري عن أبي سلمة مرسلًا، وقال: هذا مرسل جيد». وحسّنه الألباني في الصحيحة ٢/ ١٣٤ (٥٨٧).

الصفحة 44