كتاب البحر المحيط في التفسير (اسم الجزء: 5)

التَّجَلِّي الظُّهُورُ. الدَّكُّ مَصْدَرُ دَكَكْتُ الشَّيْءَ فَتَّتُهُ وَسَحَقْتُهُ مَصْدَرٌ فِي مَعْنَى الْمَفْعُولِ وَالدَّكُّ وَالدَّقُّ بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَقَالَ ابْنُ عَزِيزٍ دَكًّا مُسْتَوِيًا مَعَ الْأَرْضِ. الْخُرُورُ السُّقُوطُ. أَفَاقَ ثَابَ إِلَيْهِ حِسُّهُ وَعَقْلُهُ. اللَّوْحُ مَعْرُوفٌ وَهُوَ يُعَدُّ لِلْكِتَابَةِ وَغَيْرِهَا وَأَصْلُهُ اللَّمْعُ تَلْمَعُ وَتَلُوحُ فِيهِ الْأَشْيَاءُ الْمَكْتُوبَةُ. الْحُلِيُّ مَعْرُوفٌ وَهُوَ مَا يَتَزَيَّنُ بِهِ النِّسَاءُ مِنْ فِضَّةٍ وَذَهَبٍ وَجَوْهَرٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْحَجَرِ النَّفِيسِ. الْخُوَارُ صوت البقر. الْأَسَفُ الْحُزْنُ يُقَالُ أَسِفَ يَأْسَفُ. الْجَرُّ الْجَذْبُ. الْإِشْمَاتُ السُّرُورُ بِمَا يَنَالُ الشَّخْصَ مِنَ الْمَكْرُوهِ. السُّكُوتُ وَالسُّكَاتُ الصَّمْتُ.
فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً تَرَتَّبَ عَلَى التَّجَلِّي أَمْرَانِ أَحَدُهُمَا تَفَتُّتُ الْجَبَلِ وَتَفَرُّقُ أَجْزَائِهِ، وَالثَّانِي خُرُورُ مُوسَى مَغْشِيًّا عَلَيْهِ. قَالَهُ ابْنُ زَيْدٍ وَجَمَاعَةُ الْمُفَسِّرِينَ، وَقَالَ السُّدِّيُّ مَيِّتًا وَيُبْعِدُهُ لَفْظَةُ أَفَاقَ وَالتَّجَلِّي بِمَعْنَى الظُّهُورِ الْجُسْمَانِيِّ مُسْتَحِيلٍ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى،
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَوْمٌ لَمَّا وَقَعَ نُورُهُ عَلَيْهِ تَدَكْدَكَ
، وَقَالَ الْمُبَرِّدُ:
الْمَعْنَى ظَهَرَ لِلْجَبَلِ مِنْ مَلَكُوتِ اللَّهِ ما تدكدك بِهِ، وَقِيلَ ظَهَرَ جُزْءٌ مِنَ الْعَرْشِ لِلْجَبَلِ فَتَصَرَّعَ مِنْ هَيْبَتِهِ، وَقِيلَ: ظَهَرَ أَمْرُهُ تَعَالَى، وَقِيلَ: تَجَلَّى لِأَهْلِ الْجَبَلِ يُرِيدُ مُوسَى وَالسَّبْعِينَ الَّذِينَ مَعَهُ، وَقَالَ الضَّحَّاكُ: أَظْهَرَ اللَّهُ مِنْ نُورِ الْحُجُبِ مِثْلَ مَنْخَرِ الثَّوْرِ، وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ:
وَكَعْبُ الْأَحْبَارِ مَا تَجَلَّى مِنْ عَظَمَةِ اللَّهِ لِلْجَبَلِ إِلَّا مِثْلَ سَمِّ الْخِيَاطِ، وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: فَلَمَّا ظَهَرَ لَهُ اقْتِدَارُهُ وَتَصَدَّى لَهُ أَمْرُهُ وَإِرَادَتُهُ انْتَهَى، وَقَالَ الْمُتَأَوِّلُونَ الْمُتَكَلِّمُونَ كَالْقَاضِي أَبِي بَكْرِ بْنِ الطَّيِّبِ وَغَيْرِهِ: إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ لِلْجَبَلِ حَيَاةً وَحِسًّا وَإِدْرَاكًا يَرَى بِهِ ثُمَّ تَجَلَّى لَهُ أَيْ ظَهَرَ وَبَدَا فَانْدَكَّ الْجَبَلُ لِشِدَّةِ الْمَطْلَعِ فَلَمَّا رَأَى مُوسَى مَا بِالْجَبَلِ صُعِقَ وَهَذَا الْمَعْنَى مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَالظَّاهِرُ نِسْبَةُ التَّجَلِّي إِلَيْهِ تَعَالَى عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ مِنَ غَيْرِ انْتِقَالٍ وَلَا وَصْفٍ يَدُلُّ عَلَى الْجِسْمِيَّةِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ صَارَ تُرَابًا. وَقَالَ مُقَاتِلٌ قِطَعًا مُتَفَرِّقَةً،
وَقِيلَ صَارَ سِتَّةَ أَجْبُلٍ ثَلَاثَةٌ بِالْمَدِينَةِ أُحُدٌ وَوَرِقَانُ وَرَضْوَى، وَثَلَاثَةٌ بِمَكَّةَ ثَوْرٌ وَثَبِيرٌ وَحِرَاءٌ، رَوَاهُ أَنَسٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
، وَقِيلَ ذَهَبَ أَعْلَاهُ وَبَقِيَ أَسْفَلُهُ، وَقِيلَ صَارَ غُبَارًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ،
وَقَالَ

الصفحة 166