كتاب توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم (اسم الجزء: 5)

قوله: ((يَقْرِيهِ)) - بفتح الياء-: من قرى الضيفَ يَقريه قِرًى: أضافه وأكرمه.
وفي هذه الأحاديث: دليل على أن إكرام الضيف من الواجبات؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم- أيضا- في الحديث الآخر: ((مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يُؤْذِ جَارَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا، أَوْ لِيَصْمُتْ)) (¬١).
وفيها: أن الضيافة ثلاثة أيام، فاليوم والليلة واجبة، والثلاثة أيام مستحبة؛ ولهذا قال بعض العلماء رحمهم الله- كالليث (¬٢) -: إن إكرام الضيف واجب، وقال الإمام أحمد: إنه واجب على أهل القرى والبوادي بخلاف أهل المدن (¬٣)، والجمهور على أنه مستحب (¬٤)، وتأولوا الحديث على الاستحباب، كما تقول العرب: حقك علي واجب.
وأما بعد الثلاثة أيام فليس للضيف أن يقيم، بل عليه أن ينصرف، وليس له أن يبقى عنده حتى يؤثمه، يعني: يجلس عنده وليس عنده ما يَقْرِيه به، كما أنه قد يكون سببًا في منعه من عمله، ومن كسبه.
---------------
(¬١) أخرجه البخاري (٦٠١٨).
(¬٢) المغني، لابن قدامة (٩/ ٤٣١).
(¬٣) مسائل أحمد، رواية الكوسج (٩/ ٤٦٩٣).
(¬٤) الذخيرة، للقرافي (١٣/ ٣٣٥)، حاشية الدر المختار، لابن عابدين (٤/ ٣٨١)، روضة الطالبين، للنووي (١٠/ ٣١٣ - ٣١٤)، المغني، لابن قدامة (٩/ ٤٣١).

الصفحة 115