كتاب توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم (اسم الجزء: 5)

حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا الْمُسْتَمِرُّ ابْنُ الرَّيَّانِ، حَدَّثَنَا أَبُو نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرْفَعُ لَهُ بِقَدْرِ غَدْرِهِ، أَلَا وَلَا غَادِرَ أَعْظَمُ غَدْرًا مِنْ أَمِيرِ عَامَّةٍ)).
قوله: ((الْمُسْتَمِرُّ بْنُ الرَّيَّانِ)) ثقة، روى له مسلم رحمه الله، وبعض أهل السنن، كما في التقريب.
وقوله: ((أَلَا وَلَا غَادِرَ أَعْظَمُ غَدْرًا مِنْ أَمِيرِ عَامَّةٍ)) فيه: أنه من أعظم الغدر غدر أمير العامة؛ لأن هذه خيانة، ولأنه لا حاجة للغدر؛ لأنه قادر ولا أحد يمنعه، كما جاء في الحديث الآخر: ((ثلاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَا يُزَكِّيهِمْ- قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ: وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ-: شَيْخٌ زَانٍ، وَمَلِكٌ كَذَّابٌ، وَعَائِلٌ مُسْتَكْبِر)) (¬١)، فمنهم: ملك كذاب، وعائل مستكبر، فما الذي يدعو الملك إلى الكذب، وهو قادر على الصدق؟
وتأول بعضهم الحديث على أنه الغدر من قبل الرعية في الخروج عليه (¬٢)، لكن الأول هو الأظهر.
---------------
(¬١) أخرجه مسلم (١٠٧).
(¬٢) شرح البخاري، لابن بطال (٨/ ٢٧٩).

الصفحة 129