كتاب توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم (اسم الجزء: 5)

بَابُ إِثْبَاتِ الْقِصَاصِ فِي الْأَسْنَانِ، وَمَا فِي مَعْنَاهَا

[١٦٧٥] حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ: ((أَنَّ أُخْتَ الرُّبَيِّعِ- أُمَّ حَارِثَةَ- جَرَحَتْ إِنْسَانًا، فَاخْتَصَمُوا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: الْقِصَاصَ الْقِصَاصَ، فَقَالَتْ أُمُّ الرَّبِيعِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُقْتَصُّ مِنْ فُلَانَةَ؟ ! وَاللَّهِ لَا يُقْتَصُّ مِنْهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: سُبْحَانَ اللَّهِ يَا أُمَّ الرَّبِيعِ! الْقِصَاصُ كِتَابُ اللَّهِ، قَالَتْ: لَا، وَاللَّهِ لَا يُقْتَصُّ مِنْهَا أَبَدًا، قَالَ: فَمَا زَالَتْ حَتَّى قَبِلُوا الدِّيَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ)).
[خ: ٤٦١١]
قوله: ((أُمُّ الرَّبِيعِ)): هكذا ضبطُها، بفتح الراء وكسر الموحدة وتخفيف المثناة، قاله النووي (¬١).
وفي رواية البخاري أن الذي قال هذا هو أخوها أنس، قال: ((أَتُكْسَرُ ثَنِيَّةُ الرُّبَيِّعِ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ لَا، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَا تُكْسَرُ ثَنِيَّتُهَا)) (¬٢)، فكأنهما تعاونا: أخوها، وأمها، وهذا منهما ليس اعتراضًا على حكم الله، وحكم رسوله صلى الله عليه وسلم، وإنما هو حسن ظن بالله، فما زالوا يحسنون الظن بالله، ويَعرضون على أهل المجني عليه الدية حتى قبلوها.
وفي هذا الحديث: أنه إذا كسر إنسان ثنية إنسان فإنه يقتص منه؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((الْقِصَاصُ كِتَابُ اللَّهِ))، ولقوله تعالى: {والسن بالسن والجروح قصاص}، وهذا وإن كان في شأن بني إسرائيل إلا أن شرعنا جاء
---------------
(¬١) شرح مسلم، للنووي (١١/ ١٦٣).
(¬٢) أخرجه البخاري (٢٧٠٣).

الصفحة 19