كتاب توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم (اسم الجزء: 5)

تحل الذبيحة، وإذا تركها سهوًا ونسيانًا حلت الذبيحة، وهذا الذي ذهب إليه جمهور العلماء (¬١)، وهو الصواب، وهذا القول هو الوسط؛ لأن الناسي معفو عنه، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما نزلت هذه الآية: {وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله}، قال: دخل قلوبهم منها شيء، لم يدخل قلوبهم من شيء، فَقَالَ النبي صلى الله عليه وسلم: ((قولوا: سمعنا وأطعنا وسلمنا، قال: فألقى الله الإيمان في قلوبهم، فأنزل الله تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا}، قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ، {رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا}، قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ، {وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا}، قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ)) (¬٢).
وقال صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ اللهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ)) (¬٣).
مسألة: هل يجوز الأكل مما أمسك كلبٌ أرسله مَن لا دين له؟
الجواب: لا بد أن يكون المرسِل من أهل الذكاة، وهو المسلم، أو الكتابي، أما إذا كان المرسِلُ لكلب الصيد وثنيًّا، أو ملحدًا، أو مرتدًا فلا يحل صيده، كما لا تحل ذبيحته.
---------------
(¬١) المغني، لابن قدامة (٩/ ٣٦٧).
(¬٢) أخرجه مسلم (١٢٦).
(¬٣) أخرجه ابن ماجه (٢٠٤٣)، وابن حبان (٧٢١٩).

الصفحة 425