كتاب توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم (اسم الجزء: 5)

وفي هذه الأحاديث: بيان أن السارق تُقطع يده، ودليل القطع قوله تعالى: {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالًا من الله والله عزيز حكيم}، وجاء في قراءة شاذة: ((فاقطعوا أيمانهما)) وهي قراءة ابن مسعود (¬١).
وقد بيَّن الله سبحانه وتعالى الحكمة من قطع يد السارق، فقال: {جزاء بما كسبا نكالًا من الله}، فأخبر أن قطع يد السارق تنكيل من الله تعالى به، وزجر له.
وأجمع العلماء على قطع يد السارق (¬٢)، واختلفوا في النصاب والحرز.
أما النصاب: فذهب الظاهرية إلى أن قطع يد السارق يكون في القليل والكثير (¬٣).
وذهب جمهور العلماء إلى أن يد السارق لا تقطع إلا إذا سرق ما يبلغ النصاب، واختلفوا في مقداره.
فقال الشافعية: النصاب هو: ربع دينار، كما جاء في حديث عائشة رضي الله عنها: ((كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْطَعُ السَّارِقَ فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا))، والدينار هو: المثقال، وقيمته ٤,٢٥ غرام، وعليه فربع الدينار: هو ربع المثقال (¬٤).
وقال الحنابلة: إن النصاب هو ربع دينار، أو ثلاثة دراهم (¬٥)، على ما جاء في حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم ((قَطَعَ فِي مِجَنٍّ ثَمَنُهُ ثَلاثَةُ دَرَاهِمَ)) (¬٦).
وذهب الأحناف إلى أن النصاب عشرة دراهم (¬٧).
---------------
(¬١) أخرجه ابن جرير، في تفسيره (١١٩١٠).
(¬٢) الإقناع، لابن القطان (٢/ ٢٥٩).
(¬٣) المحلى، لابن حزم (١١/ ٣٥١).
(¬٤) المجموع، للنووي (٢٠/ ٧٩)، النجم الوهاج، للدميري (٩/ ١٥٠).
(¬٥) المغني، لابن قدامة (٩/ ١٠٥)، المبدع، لابن مفلح (٩/ ١٠٧).
(¬٦) أخرجه البخاري (٦٧٩٥)، ومسلم (١٦٨٦).
(¬٧) البحر الرائق، لابن نجيم (٥/ ٥٤)، المبسوط، للسرخسي (٩/ ١٣٧).

الصفحة 44