كتاب توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم (اسم الجزء: 5)
حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُسْلِمِ بْنِ عَمَّارٍ اللَّيْثِيُّ قَالَ: كُنَّا فِي الْحَمَّامِ قُبَيْلَ الْأَضْحَى، فَاطَّلَى فِيهِ نَاسٌ، فَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْحَمَّامِ: إِنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَكْرَهُ هَذَا- أَوْ: يَنْهَى عَنْهُ- فَلَقِيتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ- يَا ابْنَ أَخِي-: هَذَا حَدِيثٌ قَدْ نُسِيَ وَتُرِكَ. حَدَّثَتْنِي أُمُّ سَلَمَةَ- زَوْجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم- قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، بِمَعْنَى حَدِيثِ مُعَاذٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، وَحَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يحيى، وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ- ابْنِ أَخِي ابْنِ وَهْبٍ- قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي حَيْوَةُ، أَخْبَرَنِي خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ مُسْلِمٍ الْجُنْدَعِيِّ أَنَّ ابْنَ الْمُسَيَّبِ أَخْبَرَهُ: أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ- زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم- أَخْبَرَتْهُ، وَذَكَرَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، بِمَعْنَى حَدِيثِهِمْ.
قوله: ((فَاطَّلَى فِيهِ نَاسٌ))، يعني: أزالوا شعر العانة بالنّورة؛ لأن ابن المسيب يكره إزالة شعر العانة في العشر الأول من ذي الحجة لمن أراد أن يضحي، وليس المراد: أن سعيدًا يكره إزالة الشعر مطلقًا.
وفي هذه الأحاديث: دليل على عدم وجوب الأضحية؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ)): حيث جعل الإرادة إلى الإنسان، فدل على أنها ليست واجبة، ومفهومه: أنه إذا لم يُرِدْ أن يضحي فلا حرج عليه.
وفيها: النهي لمن أراد أن يضحي بعد دخول العشر أن يأخذ من شعره، أو بشرته، أو ظفره شيئًا.
واختلف العلماء في هذا النهي، فذهب الإمام أحمد- في رواية أبي داود وإسحاق- إلى أن النهي للتحريم (¬١)؛ لأن الأصل في النهي التحريم.
---------------
(¬١) مسائل الإمام أحمد، لأحمد بن حنبل (١/ ٤٥٠)، الإقناع، لأبي النجا (١/ ٤٠٨)، المغني، لابن قدامة (٩/ ٤٣٦).