كتاب توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم (اسم الجزء: 5)
كِلَاهُمَا عَنْ دَاوُدَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ بَعْضَ هَذَا الْحَدِيثِ، غَيْرَ أَنَّ فِي حَدِيثِ سُفْيَانَ: فَاعْتَرَفَ بِالزِّنَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.
قوله: ((فَمَا اسْتَغْفَرَ لَهُ، وَلَا سَبَّهُ)): قال النووي رحمه الله: ((أما عدم السب فلأن الحد كفارة له، مطهرة له من معصيته، وأما عدم الاستغفار فلئلَّا يغترَّ غيرُه فيقع في الزنا اتكالًا على استغفاره صلى الله عليه وسلم)) (¬١)، وسيأتي في الرواية التالية أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((اسْتَغْفِرُوا لِمَاعِزِ بْنِ مَالِكٍ)).
[١٦٩٥] وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَعْلَى- وَهُوَ ابْنُ الْحَارِثِ الْمُحَارِبِيُّ- عَنْ غَيْلَانَ- وَهُوَ ابْنُ جَامِعٍ الْمُحَارِبِيُّ- عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: جَاءَ مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، طَهِّرْنِي، فَقَالَ: ((وَيْحَكَ! ارْجِعْ فَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ، وَتُبْ إِلَيْهِ))، قَالَ: فَرَجَعَ غَيْرَ بَعِيدٍ، ثُمَّ جَاءَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، طَهِّرْنِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((وَيْحَكَ! ارْجِعْ فَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ، وَتُبْ إِلَيْهِ))، قَالَ: فَرَجَعَ غَيْرَ بَعِيدٍ، ثُمَّ جَاءَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، طَهِّرْنِي، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَ ذَلِكَ، حَتَّى إِذَا كَانَتِ الرَّابِعَةُ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ: ((فِيمَ أُطَهِّرُكَ؟ ))، فَقَالَ: مِنَ الزِّنَا، فَسَأَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((أَبِهِ جُنُونٌ؟ ))، فَأُخْبِرَ أَنَّهُ لَيْسَ بِمَجْنُونٍ، فَقَالَ: ((أَشَرِبَ خَمْرًا؟ ))، فَقَامَ رَجُلٌ فَاسْتَنْكَهَهُ، فَلَمْ يَجِدْ مِنْهُ رِيحَ خَمْرٍ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((أَزَنَيْتَ؟ ))، فَقَالَ: نَعَمْ، فَأَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ، فَكَانَ النَّاسُ فِيهِ فِرْقَتَيْنِ: قَائِلٌ يَقُولُ: لَقَدْ هَلَكَ، لَقَدْ أَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ، وَقَائِلٌ يَقُولُ: مَا تَوْبَةٌ أَفْضَلَ مِنْ تَوْبَةِ مَاعِزٍ؛ أَنَّهُ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَوَضَعَ يَدَهُ فِي يَدِهِ، ثُمَّ قَالَ: اقْتُلْنِي
---------------
(¬١) شرح مسلم، للنووي (١١/ ١٩٨ - ١٩٩).