كتاب توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم (اسم الجزء: 5)

وإذا كانت امرأة فالراجح في مذهب الحنابلة: أنه إن ثبت الحد بالإقرار لم يحفر لها، وإن ثبت بالبينة حُفر لها إلى الصدر (¬١).
ويرى الحنفية (¬٢) والشافعية (¬٣) التفريق بين الرجل والمرأة فلا يحفر للرجل، وأما المرأة فيحفر لها إلى صدرها، ويجوز تركه، ولا فرق في ثبوت الزنا بالبينة، أو بالإقرار.
وهناك قولٌ ثانٍ للشافعية (¬٤)، وهو: أنه يسن لمن ثبت زناه ببينة أن يحفر له حفرة، ينزل فيها إلى وسطه؛ لتمنعه من الهرب، وأما إذا ثبت زناه بالإقرار فلا يسن ذلك.
وقيل: يحفر لها مطلقًا من غير تفصيل.
وذهب المالكية (¬٥) إلى أنه لا يحفر للرجل والمرأة على السواء، أي: أنهم يمنعون الحفر مطلقًا، وفي قول مرجوح عندهم: أنه يحفر للمشهود عليه دون المقر.
والحفر أستر ولا شك (¬٦).
وفي هذه الرواية أنه حُفر لماعز رضي الله عنه حفرة، وفي رواية أخرى قال: ((فَمَا أَوْثَقْنَاهُ وَلَا حَفَرْنَا لَهُ))، والمثبِت مقدَّم على النافي.
ويمكن الجمع بينهما بأنه في أول الأمر لم يحفر له، ولما أذلقته الحجارة وهرب حُفر له.
وفي هذا الحديث: أن هذه المرأة الغامدية كانت مستمرة على توبتها،
---------------
(¬١) المغني، لابن قدامة (٩/ ٣٦).
(¬٢) بدائع الصنائع، للكاساني (٧/ ٥٩).
(¬٣) روضة الطالبين، للنووي (١٠/ ٩٩).
(¬٤) مغني المحتاج، للخطيب الشربيني (٥/ ٤٥٧)، روضة الطالبين، للنووي (١٠/ ٩٩).
(¬٥) الذخيرة، للقرافي (١٢/ ٧٦)، الشرح الكبير، للدردير (٤/ ٣٢٠).
(¬٦) الذخيرة، للقرافي (١٢/ ٧٧) روضة الطالبين، للنووي (١٠/ ٩٩)، بدائع الصنائع، للكاساني (٧/ ٥٩).

الصفحة 63