كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 5)

وكلُّهم قد أجمَعَ على أنَّ لفظَ الحديث: "مَنْ قامَ رمضانَ" بالإسنادَيْن جميعًا، وكذلك أدخَله مالكٌ في بابِ قيامٍ رمضانَ، ويُصحِّحُ ذلك قولُه في حديثِ أبي سلمةَ: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كان يُرَغِّبُ في قيامِ رمضانَ.
وأمّا أصحابُ ابن شهابٍ فإنَّهم اختلفُوا في اللفظ؛ فأمّا ابنُ عُيينةَ، فذكَرَ أبو داودَ في "السُّنَن"، قال (¬١): حدَّثنا مخلَدُ بنُ خالدٍ وابنُ أبي خَلَفٍ المَعْنَى، قالا: حدَّثنا سفيانُ بنُ عيينةَ، عن الزُّهريِّ، عن أبي سلمةَ بنِ عبدِ الرحمن، عن أبي هريرةَ - يبلُغُ به النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - - قال: "مَنْ صامَ رمضانَ إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِه، ومَنْ قامَ رمضانَ إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِه" (¬٢).
قال أبو داودَ: وكذا رواه يحيى بنُ أبي كثيرٍ، عن أبي سلمةَ، عن أبي هريرةَ: "مَنْ صامَ رمضانَ" (¬٣). وكذلك رواه محمدُ بنُ عمرٍ و، عن أبي سلمةَ، عن أبي هريرةَ: "مَنْ صامَ" (¬٤)، مثلَ روايةِ ابنِ عُيَيْنَةَ، عن ابنِ شهابٍ سواءً. قال: وقال عُقَيْلٌ (¬٥)، عن ابنِ شهابٍ بهذا الإسناد، عن أبي سلمةَ عن أبي هريرةَ: "مَنْ صامَ رمضانَ وقامَهُ".
وذكَرَ أبو داودَ (¬٦) حديثَ عبدِ الرَّزّاقِ، قال: أنبأنا معمرٌ ومالكٌ، عن الزُّهريِّ، عن أبي سلمةَ، عن أبي هريرةَ، قال: كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يُرَغِّبُ في قيامِ
---------------
(¬١) في السنن (١٣٧٢).
(¬٢) سيذكره ابن عبد البر قريبًا بإسناد منبّهًا على الاختلاف فيه عن ابن عيينة، وأن بعضهم رواه عن ابن عيينة بلفظ: "من قام رمضان"، بدل: "من صام رمضان".
(¬٣) أخرجه كذلك البخاري (١٩٠١)، ومسلم (٧٦٠) من طريق هشام الدستوائي، عن يحيى بن أبي كثير، به.
(¬٤) سيخرجه ابن عبد البر قريبًا.
(¬٥) هو ابن خالد الأيلي. ولم نقف عليه من طريقه بلفظ: "من صام رمضان وقامَه"، لكن أخرجه البخاري (٢٠٠٨) عن يحيى بن بكير، عن عقيل، به. بلفظ: "من قامه إيمانًا واحتسابًا غُفر ما تقدم من ذنبه".
(¬٦) في سننه (١٣٧١).

الصفحة 106