كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 5)

في كتابِه وعلى لسانِ رسولِه - صلى الله عليه وسلم -، وقد قال عليه الصلاةُ والسلامُ: "إنَّه من أُعْطي شيئًا حَياتَه، فهو له ولوَرَثَتِه، فأمْسِكوا عليكم أموالَكم" (¬١). قالوا: والسُّكْنَى عارِيَّةٌ لا يَمْلِكُ بها رقَبَةً، إنَّما يَمْلِكُ بها المنافِعَ على شُروطِ المَسكَن. ومن حُجَّتِهم فيما ذهَبوا إليه في العُمْرَى، ما روَاه ابنُ جُرَيْج (¬٢)، والثوريُّ (¬٣)، وجماعةٌ، عن أبي الزُّبيرِ، عن جابرٍ، أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَن أُعْمِرَ شيئًا حياتَه، فهو له حياتَه ومَوْتَه".
وحدَّثنا عبدُ الوارثِ بنُ سفيانَ، قال: حدَّثنا قاسمُ بنُ أصبغَ، قال: حدَّثنا بكرُ بنُ حمادٍ، قال: حدَّثنا مسدَّدٌ، قال: حدَّثنا يحيى، عن هشام، قال: حدَّثني يحيى بنُ أبي كثيرٍ، عن أبي سلمةَ، عن جابرِ بنِ عبدِ الله، قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -:" العُمرَى لمن وُهِبت له" (¬٤)، فجعَلها هبةً.
والفائدةُ في هذا الخطابِ في تَمَلُّكِه الرَّقَبةَ؛ لأنَّ المنافِعَ أوضحُ من أن يُحتاجَ إلى أن تُعرَفَ لمن هي في ذلك، واللهُ أعلمُ.
حدَّثنا سعيدُ بنُ نصرٍ، قال: حدَّثنا قاسمُ بنُ أصبغَ، قال: حدَّثنا جعفرُ بنُ محمدٍ الصائغُ، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ سابِقٍ، قال: حدَّثنا إبراهيمُ بنُ طَهْمَانَ، عن أبي الزُّبيرِ، عن جابرٍ، قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "أيُّها الناسُ، أمْسِكُوا عليكم
---------------
(¬١) أخرجه مسلم (١٦٢٥) من حديث جابر بن عبد الله، لكن بلفظ: "أمسكوا عليكم أموالكم، ولا تفسدوها، فإنه من أعْمَر عُمرى فهي للذي أُعْمِرها حيًّا وميتًا، ولعَقِبِه".
(¬٢) أخرجه من طريقه النسائي (٣٧٣٥)، وابن حبان (٥١٤٠).
(¬٣) أخرجه من طريقه مسلم (١٦٢٥).
(¬٤) أخرجه مسلم (١٦٢٥) من طريق خالد بن الحارث، عن هشام - وهو ابن أبي عبد الله الدَّستُوائي، به.

الصفحة 126