كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 5)

والتابعينَ الذين حُمِلت عنهم التآويلُ في القرآن قالوا - في تأويل هذه الآية -: هو على العرش، وعلمُه في كلِّ مكانٍ. وما خالَفهم في ذلك أحدٌ يُحتَجُّ بقوله.
ذكر سُنَيْدٌ (¬١)، عن مقاتلِ بنِ حيّان، عنِ الضَّحاكِ بن مزاحم - في قوله: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ} الآيةَ - قال: هو على عرشِه، وعلمُه معهم أينَما كانوا (¬٢). قال: وبلَغَني عن سفيانَ الثوريِّ مثلُه.
قال سُنَيْدٌ: وحدَّثنا حمادُ بنُ زيدٍ، عن عاصمِ بنِ بَهدلةَ، عن زِرِّ بنِ حُبيشٍ، عن ابنِ مسعودٍ، قال: اللهُ فوقَ العرش، لا يخفَى عليه شيءٌ من أعمالِكم (¬٣).
قال سُنَيْدٌ: وحدَّثنا هُشَيْمٌ، عن أبي بِشر، عن مجاهدٍ، قال: إنَّ بينَ العرشِ وبينَ الملائكةِ سَبعين حِجابًا؛ حجابٌ من نُورٍ، وحجابٌ من ظُلْمَةٍ (¬٤).
وأخبرنا إبراهيمُ بنُ شاكر، قال: حدَّثنا عبدُ الله بنُ محمد بن عثمانَ، قال: حدَّثنا سعيدُ بنُ خُمَيْرٍ، وسعيدُ بنُ عثمانَ، قالا: حدَّثنا أحمدُ بنُ عبدِ الله بن صالح، قال: حدَّثنا يزيدُ بنُ هارونَ، عن حمّادِ بنِ سلمةَ، عن عاصم بن بَهْدَلةَ، عن زِرٍّ، عن عبدِ الله بنِ مسعودٍ، قال: ما بينَ السماءِ إلى الأرضِ مسيرَةُ خمس مئةِ عام، وما بينَ كلِّ سماءٍ إلى الأخرى مسيرةُ خمس مئةِ عام، وما بينَ السماءِ السابعةِ
---------------
(¬١) سُنيد هو ابن داود المِصِّيصي، وله تفسير معروف، وهو من رجال التهذيب.
(¬٢) أخرجه عبد الله بن أحمد في السنة (٥٩٢)، وأبو داود في مسائله لأحمد (١٦٩٨)، وحرب بن إسماعيل في مسائله ٣/ ١١١١ - ١١١٢، والآجري في الشريعة (٦٥٥)، وابن بطة في الإبانة (١٠٩)، والبيهقي في الأسماء والصفات (٩٠٩).
(¬٣) أخرجه الطبري في تفسيره ٢٨/ ١٥٣، واللالكائي في أصول الاعتقاد (٦٥٩)، وابن قدامة في إثبات صفة العلو (٦٠)، والذهبي في العلو للعلي الغفار (١٧٥).
(¬٤) أخرجه ابن خزيمة في التوحيد (٣٤)، وأبو الشيخ في العظمة (٢٨١)، والبيهقي في الأسماء والصفات (٨٥٦).

الصفحة 150