كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 5)

قال أبو عُمر: لا خِلافَ عَلِمتُه أنَّ ما جَنَت يَدُ الإنسان خطأً، أنّه يَضمَنُه في مالِه، فإن كان دمًا، فعلى عاقِلَتِه (¬١)، تَسليمًا للسنةِ المجتَمَع عليها. وقد رُوِي عن جماعةٍ من الصحابةِ والتابعينَ ضَمانُ السّائقِ والرَّاكِبِ والقائد (¬٢)، على الأصل الذي قدَّمْنا، فافْهَمْه. وجاء عن عمرَ بنِ الخطاب أنّه ضَمَّنَ الذي أجْرَى فرَسَه عقلَ ما أصاب الفَرَسُ (¬٣).
وذكَر ابنُ وَهْبٍ، قال: أخبَرني يونسُ وابنُ أبي ذئبٍ، عن ابنِ شهابٍ، أنّه سُئل عن رجلٍ قاد بَدَنةً فأصابَت طيرًا فقتَلَته، فقال: إن كان يقودُها أو يَسوقُها حتى أصابَتِ الطيرَ، فقد وجَب عليه جزاءُ ما قتَلَت، وإن لم يكنْ يقودُها ولا يسوقُها، فليس يجبُ عليه جزاءُ ما أصابَت.
وقال ابنُ سيرين: كانوا لا يُضَمِّنونَ مِن النَّفْحَة، ويُضَمِّنُون من رَدِّ العِنانِ (¬٤). وقال حمّادٌ لا يَضْمَنُ النَّفْحَةَ (¬٥) إلّا أنْ يَنْخُسَ الإنسانُ الدّابَّة. وعن شُرَيْح مثلُه (¬٦). وقال حمّادٌ أيضًا: إذا ساق المُكارِي حمارًا عليه امرأةٌ، فتَخِرُّ: فلا شيءَ عليه (¬٧). وقال الشعبيُّ: إذا ساق الدابَّةَ فأتعَبَها، فهو ضامِنٌ لما أصابَت، وإن كان خَلَفَها مترسِّلًا (¬٨)، لم يَضمَنْ.
---------------
(¬١) انظر: الإقناع في مسائل الإجماع لابن القطان ٢/ ٢٨٣ - ٢٨٤.
(¬٢) انظر: مصنف عبد الرزاق الآثار (١٧٨٦٣ - ١٧٨٨٠)، ومصنَّف ابن أبي شيبة الآثار (٢٧٨٧٧ - ٢٧٨٨٤).
(¬٣) مالك في الموطأ ٢/ ٤١٩ (٢٤٦٦).
(¬٤) مصنَّف ابن أبي شيبة (٢٧٩٣٥) و (٢٧٩٤١).
(¬٥) مصنَّف ابن أبي شيبة (٢٧٩٤٠).
(¬٦) مصنَّف ابن أبي شيبة (٢٧٩٣٧) و (٢٨٥٣٩).
(¬٧) مصنَّف ابن أبي شيبة (٢٨٦٤٠).
(¬٨) مصنَّف ابن أبي شيبة (٢٧٨٧٩).

الصفحة 21