كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 5)
عن حُميدِ بنِ عبدِ الرحمنِ بنِ عوفٍ، عن أبي هُريرةَ، أنَّ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "لولا أنْ أشُقَّ على أُمتي لأمرتُهم بالسواكِ".
وحَدَّثَنَا خلفُ بنُ قاسمٍ، قال: حَدَّثَنَا محمدُ بنُ عبدِ الله بنِ زكريَّا بنِ حَيُّويَة، قال: حَدَّثَنَا أحمدُ بنُ عَمْرِو بنِ عبدِ الخالقِ، قال (¬١): حَدَّثَنَا أحمدُ بنُ عبدِ الله بنِ عليٍّ بنِ سُويدِ بنِ مَنْجُوفٍ، قال: حَدَّثَنَا رَوحُ بنُ عُبادةَ، قال: حَدَّثَنَا مالكٌ، عن الزُّهريِّ، عن حُميدِ بنِ عبدِ الرَّحمن، عن أبي هُريرةَ، عن رسولِ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "لولا أنْ أشُقَّ على أُمتي لأمرتُهم بالسواكِ عندَ كلِّ صلاةٍ" (¬٢).
وفي هذا الحديث أدلُّ الدلائلِ على فَضْلِ السواكِ والرغبةِ فيه، وفيه أيضًا دليلٌ على فَضْلِ التيسيرِ في أُمورِ الدِّيانةِ، وأنَّ ما يَشُقُّ منها مكرُوهٌ؛ قال اللهُ عزَّ وجلَّ: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: ١٨٥]. ألا ترَى أنَّ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُخَيَّرْ بينَ أمرينِ إلّا أخَذ أيسرَهما ما لَمْ يكنْ إثمًا، فإنْ كان إثمًا كان أبعدَ الناسِ منه (¬٣).
وفضلُ السواكِ مُجتمَعٌ عليه لا خلافَ فيه (¬٤)، والصلاةُ عندَ الجميع بعدَ السواكِ أفضلُ منها قبلَه.
---------------
(¬١) في مسنده (٨٠٧٠).
(¬٢) أخرجه أحمد ١٦/ ٤٠٨ (١٠٦٩٦)، وابن خزيمة (١٤٠)، وابن المنذر في الأوسط (٣٣٤)، والجوهري في مسند الموطأ (١٥٣)، والبيهقي في السنن الكبرى ١/ ٣٥، وفي بيان خطأ من أخطأ على الشافعي، ص ١١١، ١١٤، وفي معرفة السنن والآثار ١/ ٢٥٦ (٥٧٨)، وابن حجر في تغليق التعليق ٣/ ١٦٠ من طرق عن روح بن عبادة، بهذا الإسناد. إلَّا أنهم قالوا جميعًا في رواياتهم: "مع كلّ وضوء" أو "عند كلّ وضوء"، وانفرد ابن منجوف عنه بذكر الصلاة.
(¬٣) أخرجه البخاري (٣٥٦٠)، ومسلم (٢٣٢٧) من حديث عائشة أم المؤمنين.
(¬٤) انظر: المغني لابن قدامة ١/ ٧١.