كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 5)

وروَى إسحاقُ بنُ سليمانَ (¬١)، عن مالكٍ، عن الزهريِّ، عن سعيدِ بن المُسيِّب، عن أبي هريرةَ، قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا قال الإمامُ: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} فقولوا: آمين، فإنه مَن وافَق تأمينُه تأمينَ الملائكة، غُفِر له ما تقدَّم من ذَنْبِه" (¬٢). ولم يُتابَعْ على هذا اللفظ أيضًا في هذا الإسناد، وإنما هذا لفظُ حديثِ سميٍّ، وسيأتي في بابه إن شاء الله (¬٣). ورواه القُداميُّ (¬٤)، عن مالكٍ، عن الزهريِّ، عن سعيدِ بنِ المُسيِّبِ، عن أبي هريرةَ، ولم يذكُرْ أبا سلمةَ. ورواه جُوَيْرِيَةُ (¬٥)، عن مالكٍ، عن الزهريِّ، عن أبي سلمةَ، عن أبي هريرةَ، ولم يذكُرْ سعيدًا. والصوابُ ما في "الموطّأ" عن سعيدٍ وأبي سلمةَ جميعًا، عن أبي هريرة (¬٦).
وفي هذا الحديثِ من الفقهِ: قراءةُ "أمِّ القرآن" في الصلاة، ومعناه عندَنا في كلِّ ركعةٍ (¬٧)، لدلائلَ سنذكرُها في بابِ العلاءِ بنِ عبدِ الرحمن، من كتابنا هذا، عندَ قولِه - صلى الله عليه وسلم -: "كلُّ صلاةٍ لا يُقرأُ فيها بـ: "أمِّ القرآن "فهي خداجٌ" (¬٨) إن شاء الله. وإنما قلنا: إنّ فيه دليلًا على قراءة "فاتحة الكتاب" لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أمَّن الإمامُ فأمِّنوا". ومعلومٌ أن التأمينَ هو قولُ الإنسان: آمينَ عندَ دُعائِه، أو دعاءِ
---------------
(¬١) ترجمه المزي في تهذيب الكمال ٢/ ٤٢٩.
(¬٢) أخرجه أبو طاهر السِّلَفي في الطيوريات (٧٦١).
(¬٣) الموطأ ١/ ١٤٠ (٢٣٢).
(¬٤) هو عبد الله بن محمد بن ربيعة بن قدامة المصيصي، له ترجمة في لسان الميزان الترجمة (٤٣٩٩)، وهو ضعيف.
(¬٥) هو جويرية بن أسماء الضبعي، انظر ترجمته في تهذيب الكمال ٥/ ١٧٢.
(¬٦) وانظر: علل الدارقطني ٨/ ٨٤.
(¬٧) انظر: الكافي في فقه أهل المدينة، للمصنِّف ١/ ٢٠١.
(¬٨) الموطأ ١/ ١٣٦ (٢٢٤).

الصفحة 6