كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 5)
عبدِ الرحمنِ، وأبي الأحوصِ، والشَّعبيِّ (¬١)، وهو قولُ الشافعيِّ، وأبي حنيفةَ، وأصحابِهما، والثَّوريِّ (¬٢) (¬٣). وحجَّتُهم حملُ الآيةِ على عُمومِها في كلِّ مسجدٍ، وهو أحدُ قوليْ مالكٍ (¬٤)، وبه يقولُ ابنُ عُليَّةَ، وداودُ، والطَّبريُّ (¬٥).
وقال الشافعيُّ (¬٦): لا يُعتكفُ في غيرِ المسجدِ الجامع إلَّا من الجمعةِ إلى الجمعةِ. قال: واعتكافُه في المسجدِ الجامع أحبُّ إليَّ، ويعتكفُ المسافرُ والعبدُ والمرأةُ حيثُ شاءوا، ولا اعتكافَ إلَّا في مسجدٍ؛ لقولِ الله عزَّ وجلَّ: {وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ}.
قال أبو عُمر: في حديثنا هذا من قولِ عائشةَ: وكان لا يدخُلُ البيتَ إلَّا لحاجةٍ الإنسانِ. تعني به رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - - دليلٌ على أنَّه لم يكنِ اعتكافُه في بيته، وأنَّه كان في مسجدِه - صلى الله عليه وسلم -.
وفيه دليلٌ على أنَّ المعتكفَ لا يشتغلُ بغيرِ لُزومِه المسجدَ، ومعلومٌ أنَّ لُزومَ المسجدِ إنَّما هو للصَّلواتِ وتلاوةِ القرآنِ، وأنَّ المعتكفَ إذا لم يدخُلْ بيْتَ
---------------
(¬١) ينظر: المصنَّف لعبد الرزاق ٤/ ٣٤٦ (٨٠٠٩) و (٨٠١٠) و ٤/ ٣٤٧ (٨٠١٥) و ٤/ ٣٤٨ (٨٠١٧)، ولابن أبي شيبة في (باب مَن اعتكف في مسجد قومه ومَن فعلَه) (٩٧٥٣ - ٩٧٦٠)، ومختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٢/ ٤٨.
(¬٢) "الثوري" لم يرد في الأصل، وهو في ف ٢، ج، وقوله ذكره ابن رشد في بداية المجتهد ٢/ ٧٧.
(¬٣) ينظر: الأمّ للشافعيّ ٢/ ١١٥، والأصل المعروف بالمبسوط لمحمد بن الحسن الشيباني ٢/ ٢٦٩ - ٢٧٢، واختلاف الفقهاء لمحمد بن نصر المروزي ١/ ١٨٧.
(¬٤) ينظر: المدوّنة ١/ ٢٩٨، ومختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٢/ ٤٨، والقول عنده أنه لا اعتكاف إلّا في مسجد فيه جمعة، هو رواية ابن عبد الحكم عن مالك فيما ذكر ابن رشد في بداية المجتهد ٢/ ٧٧.
(¬٥) ينظر: اختلاف الفقهاء لمحمد بن نصر المروزي ١/ ١٨٥ - ١٨٦، ومختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٢/ ٤٨.
(¬٦) في الأم ٢/ ١١٥.