كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 5)
وحديثُ ثَوْبانَ رَواه مُعاويةُ بنُ سَلَّام، عن أخيه زيدِ بنِ سَلَّام، أنَّه سمِع أبا سَلَّام الحَبَشِيَّ يقولُ: حدَّثني أبو أسماءَ الرَّحَبِيُّ، أنَّ ثَوبانَ مولى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - حدَّثَه، أنَّ حَبْرًا من أحْبارِ اليهُود قال لرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -: أسألُكَ عن الوَلَدِ. فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "ماءُ الرجلِ أبْيَضُ، وماءُ المرأةِ أصفَرُ، فإذا اجتَمعا فعلا مَنِيُّ الرجلِ مَنِيَّ المرأةِ أذْكَرا بإذْنِ الله، وإذا علا مَنِيُّ المرأةِ مَنِيَّ الرجلِ آنثا بإذنِ الله". فقال اليَهُودِيُّ: صدَقْتَ. ثم انْصَرَفَ فذهَب. وذكَر تَمامَ الحديث (¬١).
وقد رُوِيَ في حديثِ أُمِّ سلَمةَ مُراعاةُ سَبْقِ المَنِيِّ لا مُراعاةُ عُلُوِّه، في معنَى الشَّبَهِ لا الإذكارِ ولا الإيناثِ.
ذكر ابنُ وَهْبٍ، قال: أخْبَرَني ابنُ أبي ذِئْب، عن سعيدِ بنِ أبي سعيدٍ المُقْبُريِّ، عن عبدِ الله بنِ رافِع مولى أمِّ سلَمةَ، عن أُمِّ سلَمةَ، أنَّ أُمَّ سُلَيْم امرأةَ أبي طلحةَ قالت: يا رسولَ الله، هل على المرأةِ ترى زَوْجَها في المَنام يقَعُ عليها غُسْلٌ؟ فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "نعم إذا رأت بَلَلًا". فقالت أُمُّ سلَمةَ: يا رسولَ الله، وتَفْعَلُ ذلك المرأةُ؟ فقال: "تَرِبَ جَبِينُكِ، وأنَّى يكونُ شَبَهُ الخُئُولةِ إلَّا من ذلك؟ أيُّ النُّطفتَين سبَق إلى الرَّحِمِ غلَب على الشَّبَهِ" (¬٢).
وكذلك رَواه أبو معاويةَ، عن هشام بنِ عُروةَ، عن أبِيه، عن زينبَ بنتِ أُمِّ سلَمةَ، عن أُمِّ سلَمةَ. فذكَر فيه سَبْقَ النُّطفةِ، إلَّا أنَّه قال فيه: قالت أُمِّ سَلَمَةَ،
---------------
(¬١) أخرجه مسلم (٣١٥)، والنسائي في الكبرى ٨/ ٢١٩ (٩٠٢٥)، وابن خزيمة في صحيحه ١/ ١١٥ - ١١٦ (٢٣٢) وابن حبّان في صحيحه ١٦/ ٤٤٠ - ٤٤١ (٧٤٢٢).
(¬٢) أخرجه الطحاوي في شرح مشكل الآثار ٧/ ٨٨ (٢٦٦٢) عن يونس بن عبد الأعلى عن عبد الله بن وهب، به. وإسناده صحيح.
ابن أبي ذئب: هو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة.