كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 5)
وحدَّثنا سعيدُ بنُ نصر، قال: حدَّثنا قاسم بن أصبغ، قال: حدَّثنا ابنُ وضاح (¬١)، قال: حدَّثنا أبو بكر، قال (¬٢): حدَّثنا يزيدُ بنُ هارونَ، عن سعيدِ بنِ أبي عَرُوبةَ، عن قتادةَ، عن أنسٍ، أنَّ أُمَّ سُلَيْم سألت رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عن المرأةِ ترَى في مَنامِها ما يرى الرجلُ، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا رأت ذلك فأنْزَلت فعليها الغُسْلُ". فقالت أُمُّ سَلَمَةَ: كيفَ هذا يا رسولَ الله؟ قال: "نعم، ماءُ الرجلِ غَلِيظٌ أبيضُ، وماءُ المرأةِ رَقيقٌ أصْفَرُ، فأيُّهُما سبَق وعلا أشْبَهَ الوَلَدَ".
وفي هذا الحديثِ بَيانُ ما كان عليه نِساءُ ذلك الزَّمانِ من الاهتبالِ (¬٣) بأمْرِ دينِهنَّ، والسُّؤالِ عنه، وهذا يَلْزَمُ كلَّ مؤمنٍ ومومنةٍ إذا جهِل شيئًا من دينِه أن يَسألَ عنه. قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "شِفاءُ العِيِّ السُّؤالُ" (¬٤).
---------------
(¬١) هو محمد بن وضّاح بن بزيع، مولى عبد الرحمن بن معاوية بن هشام الأموي.
(¬٢) وهو ابن أبي شيبة، في مصنَّفه (٨٨٤).
وأخرجه أحمد في المسند ١٩/ ٢٥٣ (١٢٢٢) عن يزيد بن هارون، به، وأخرجه أبو يعلى في مسنده ٥/ ٢٩٩ (٢٩٢٠)، وأبو عوانة في المستخرج ١/ ٢٤٣ (٨٢٩) من طريقين عن يزيد بن هارون، به.
وهو عند أحمد في المسند ٢٠/ ٣٤٨ (١٣٠٥٥)، ومسلم (٣١١)، وابن حاجة (٦٠١)، والنسائي (٢٠٠)، وفي الكبرى ٨/ ٢٢١ (٩٠٢٨) من طرقٍ عن سعيد بن أبي عروبة، به.
(¬٣) والاهتبال: الاغتنام والاستعداد، أو تحيُّن الشيء والاعتناء به. ينظر: الصحاح للجوهري (هبل)، ومشارق الأنوار للقاضي عياض ٢/ ٢٦٤.
(¬٤) أخرجه أحمد في المسند ٥/ ١٧٣ (٣٠٥٦)، والدارمي (٧٥٢)، وأبو داود (٣٣٧)، وابن ماجة (٥٧٢) من طرقٍ عن عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي قال: بلغني أن عطاء بن أبي رباح، قال: إنه سمع ابنَ عباس يُخبر: أنّ رجلًا أصابه جُرحٌ في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثمّ أصابه احتلام، فأُمر بالاغتسال، فمات، فبلغ ذلك النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: "قتلُوه، قتلَهُمُ الله، ألمْ يكن شفاء العِيِّ السُّؤالُ" وهذا منقطع بين الأوزعيّ وبين عطاء بن أبي رباح .. وله طرق أخرى ذكرها الحافظ ابن حجر في تلخيص الحبير ١/ ٤٧ - ٤٨.