كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 5)

(قَوْلُهُ بَابُ الِاشْتِرَاكِ فِي الْهَدْيِ وَالْبُدْنِ)
بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ جَمْعُ بَدَنَةٍ وَهُوَ مِنَ الْخَاصِّ بَعْدَ الْعَامِّ قَوْلُهُ وَإِذَا أَشْرَكَ الرَّجُلُ رجلا فِي هَدْيه بعد مَا أَهْدَى أَيْ هَلْ يَسُوغُ ذَلِكَ ذَكَرَ فِيهِ حَدِيث جَابر وبن عَبَّاسٍ فِي حَجَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيهِ إِهْلَالُ عَلِيٍّ وَفِيهِ فَأَمَرَهُ أَنْ يُقِيمَ عَلَى إِحْرَامِهِ وَأَشْرَكَهُ فِي الْهَدْيِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى فِي الْحَجِّ وَفِيهِ بَيَان أَن الشّركَة وَقعت بعد مَا سَاقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْهَدْيَ مِنَ الْمَدِينَةِ وَهِيَ ثَلَاثٌ وَسِتُّونَ بَدَنَةً وَجَاءَ عَلِيٌّ مِنَ الْيَمَنِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ سَبْعٌ وَثَلَاثُونَ بَدَنَةً فَصَارَ جَمِيعُ مَا سَاقَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْهَدْيِ مِائَةَ بَدَنَةٍ وَأَشْرَكَ عَلِيًّا مَعَهُ فِيهَا وَهَذَا الِاشْتِرَاكُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ عَلِيًّا شَرِيكًا لَهُ فِي ثَوَابِ الْهَدْيِ لَا أَنَّهُ مَلَّكَهُ لَهُ بَعْدَ أَنْ جَعَلَهُ هَدْيًا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَلِيٌّ لَمَّا أَحْضَرَ الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ فَرَآهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَلَّكَهُ نِصْفَهُ مَثَلًا فَصَارَ شَرِيكًا فِيهِ وَسَاقَ الْجَمِيعَ هَدْيًا فَصَارَا شَرِيكَيْنِ فِيهِ لَا فِي الَّذِي سَاقَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَّلًا قَوْلُهُ وَجَاءَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ أَحَدُهُمَا يَقُولُ لَبَّيْكَ بِمَا أَهَلَّ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ الْآخَرُ لَبَّيْكَ بِحَجَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقَدَّمَ فِي أَوَائِلِ الْحَجِّ بَيَانُ الَّذِي عَبَّرَ بِالْعِبَارَةِ الْأُولَى وَهُوَ جَابِرٌ وَكَذَا وَقَعَ فِي أَبْوَابِ الْعُمْرَةِ وَتَعَيَّنَ أَنَّ الَّذِي قَالَ بِحَجَّةِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ بن عَبَّاسٍ وَمَعْنَى قَوْلِهِ بِحَجَّةِ أَيْ بِمِثْلِ حَجَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَنْبِيهٌ حَدِيث بن عَبَّاسٍ فِي هَذَا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ أَغْفَلَهُ الْمِزِّيُّ فَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي تَرْجَمَةِ طَاوُسٍ لَا فِي رِوَايَة بن جُرَيْجٍ عَنْهُ وَلَا فِي رِوَايَةِ عَطَاءٍ عَنْهُ بَلْ لَمْ يُذْكَرْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا رِوَايَةٌ عَنْ طَاوُسٍ وَكَذَا صَنَعَ الْحُمَيْدِيُّ فَلَمْ يَذْكُرْ طَرِيقَ طَاوس عَن بن عَبَّاسٍ هَذِهِ لَا فِي الْمُتَّفَقِ وَلَا فِي أَفْرَادِ الْبُخَارِيِّ لَكِنْ تَبَيَّنَ مِنْ مُسْتَخْرَجِ أَبِي نعيم أَنه من رِوَايَة بن جُرَيْجٍ عَنْ طَاوُسٍ فَإِنَّهُ أَخْرَجَهُ مِنْ مُسْنَدِ أَبِي يَعْلَى قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ حَدَّثَنَا حَمَّاد بن زيد عَن بن جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ وَحَدَّثَنَا حَمَّاد عَن بن جريج عَن طَاوس عَن بن عَبَّاسٍ وَلَمْ أَرَ لِابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ طَاوُسٍ رِوَايَةً فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ وَإِنَّمَا يَرْوِي عَنْهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا بِوَاسِطَةٍ وَلَمْ أَرَ هَذَا الحَدِيث من رِوَايَة طَاوس عَن بن عَبَّاسٍ فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ مَعَ كِبَرِهِ وَالَّذِي يظْهر لي أَن بن جُرَيْجٍ عَنْ طَاوُسٍ مُنْقَطِعٌ فَقَدْ قَالَ الْأَئِمَّةُ إِنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ مُجَاهِدٍ وَلَا مِنْ عِكْرِمَةَ وَإِنَّمَا أَرْسَلَ عَنْهُمَا وَطَاوُسٌ مِنْ أَقْرَانِهِمَا وَإِنَّمَا سَمِعَ مِنْ عَطَاءٍ لِكَوْنِهِ تَأَخَّرَتْ عَنْهُمَا وَفَاتُهُ نَحْوَ عِشْرِينَ سَنَةً وَاللَّهُ أَعْلَمُ

الصفحة 138