كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 5)

الْإِسْلَامَ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ أَسْلَمَ بَعْدُ قَوْلُهُ وَمَعَهُ غُلَامُهُ لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ قَوْلُهُ ضَلَّ كُلُّ وَاحِدٍ أَيْ ضَاعَ قَوْلُهُ فَهُوَ حِينَ يَقُولُ أَيِ الْوَقْتُ الَّذِي وَصَلَ فِيهِ إِلَى الْمَدِينَةِ وَقَوْلُهُ فِي الطَّرِيقِ الثَّانِيَةِ قُلْتُ فِي الطَّرِيقِ أَيْ عِنْدَ انْتِهَائِهِ وَظَاهِرُهُ أَنِ الشِّعْرَ مِنْ نَظْمِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَدْ نسبه بَعضهم إِلَى غُلَامه حَكَاهُ بن التِّينِ وَحَكَى الْفَاكِهِيُّ فِي كِتَابِ مَكَّةَ عَنْ مُقَدَّمِ بْنِ حَجَّاجٍ السُّوَائِيِّ أَنَّ الْبَيْتَ الْمَذْكُورَ لِأَبِي مَرْثَدٍ الْغَنَوِيِّ فِي قِصَّةٍ لَهُ فَعَلَى هَذَا فَيَكُونُ أَبُو هُرَيْرَةَ قَدْ تَمَثَّلَ بِهِ قَوْلُهُ فِي الشِّعْرِ يَا لَيْلَةً كَذَا فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ قَالَ الْكَرْمَانِيُّ وَلَا بُدَّ مِنْ إِثْبَاتِ فَاءٍ أَوْ وَاوٍ فِي أَوَّلِهِ لِيَصِيرَ مَوْزُونًا وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ هَذَا يُسَمَّى فِي الْعَرُوضِ الْخَرْمَ بِالْمُعْجَمَةِ الْمَفْتُوحَةِ وَالرَّاءِ السَّاكِنَةِ وَهُوَ أَنْ يُحْذَفَ مِنْ أَوَّلِ الْجُزْءِ حَرْفٌ مِنْ حُرُوفِ الْمَعَانِي وَمَا جَازَ حَذْفُهُ لَا يُقَالُ لَا بُدَّ مِنْ إِثْبَاتِهِ وَذَلِكَ أَمْرٌ مَعْرُوفٌ عِنْدَ أَهْلِهِ قَوْلُهُ وَعَنَائِهَا بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَبِالنُّونِ وَالْمدّ أَي تعبها ودارة الْكُفْرِ الدَّارَةُ أَخَصُّ مِنَ الدَّارِ وَقَدْ كَثُرَ اسْتِعْمَالُهَا فِي أَشْعَارِ الْعَرَبِ كَقَوْلِ امْرِئِ الْقَيْسِ وَلَا سِيمَا يَوْمًا بدارة جلجل قَوْله فِي الطَّرِيق الثَّانِيَة حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ هُوَ أَبُو قُدَامَةَ السَّرَخْسِيُّ كَذَا فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ الَّتِي اتَّصَلَتْ لَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بِالتَّصْغِيرِ وَفِي مُسْتَخْرَجِ أَبِي نُعَيْمٍ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْأَشَجِّ وَأَبُو سَعِيدٍ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ مُكَبَّرٌ فَهَذَا مُحْتَمَلٌ وَذَكَرَ أَبُو مَسْعُودٍ وَخَلَفٌ أَنَّهُ أَخْرَجَهُ هُنَا عَنْ عُبَيْدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ وَعُبَيْدٌ بِغَيْرِ إِضَافَةٍ مِمَّنْ يَرْوِي فِي الْبُخَارِيِّ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ إِلَّا أَنَّ الَّذِي وَقَفْتُ عَلَيْهِ هُوَ الَّذِي قَدَّمْتُ ذِكْرَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ وأبق بِفَتْح الْمُوَحدَة وَحكى بن الْقَطَّاعِ كَسْرَهَا قَوْلُهُ قُلْتُ هُوَ حُرٌّ لِوَجْهِ اللَّهِ فَأَعْتَقَهُ أَيْ بِاللَّفْظِ الْمَذْكُورِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَهَذِهِ الْفَاءُ هِيَ التَّفْسِيرِيَّةُ قَوْلُهُ لَمْ يَقُلْ أَبُو كُرَيْبٍ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ حُرٌّ وَصَلَهُ فِي أَوَاخِرِ الْمَغَازِي فَقَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ وَهُوَ أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ وَسَاقَ الْحَدِيثَ وَقَالَ فِي آخِرِهِ هُوَ لِوَجْهِ اللَّهِ فَأَعْتِقْهُ وَكَذَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ وَكَذَا أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ وَجْهَيْنِ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ لَيْسَ فِيهِ حُرٌّ وَكَذَا أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ مِنْ وَجْهَيْنِ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ أَثْبَتَ قَوْلَهُ حُرٌّ فِي أَحَدِهِمَا وَوَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ مِنَ الْبُخَارِيِّ هُوَ حُرٌّ لِوَجْهِ اللَّهِ وَهُوَ خَطَأٌ مِمَّنْ ذَكَرَهُ عَنِ الْبُخَارِيِّ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ لِتَصْرِيحِهِ بِنَفْيِهِ عَن شَيْخه بِعَيْنِه قَوْله فِي الطَّرِيق الْأَخِيرَة فضل أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ بِالنَّصْبِ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ وَأَصْلُهُ مِنْ صَاحِبِهِ كَمَا فِي الطَّرِيقِ الْأُولَى وَلَوْ كَانَتْ أَضَلَّ مُعَدَّاةً بِالْهَمْزِ لَمْ يَحْتَجْ إِلَى تَقْدِيرٍ وَقَدْ ثَبَتَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ وَفِي الْحَدِيثِ اسْتِحْبَابُ الْعِتْقِ عِنْدَ بُلُوغِ الْغَرَضِ وَالنَّجَاةِ مِنَ الْمَخَاوِفِ وَفِيهِ جَوَازُ قَوْلِ الشِّعْرِ وَإِنْشَادِهِ وَالتَّمَثُّلِ بِهِ وَالتَّأَلُّمِ مِنَ النَّصَبِ وَالسَّهَرِ وَغير ذَلِك

الصفحة 163