كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 5)

وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ مَا تَرْجَمَ بِهِ مِنَ الْجِمَاعِ وَمِنَ الْفِدْيَةِ أَيْضًا وَيَتَضَمَّنُ مَا تَرْجَمَ بِهِ مِنَ الْبَيْعِ وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَا تَرْجَمَ بِهِ مِنَ الْبَيْعِ لِقَوْلِهِ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ ابْتَاعِي كَمَا سَأُبَيِّنُهُ وَقَوْلُهُ فِي التَّرْجَمَةِ وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى عَبْدًا مَمْلُوكًا إِلَى آخر الْآيَة قَالَ بن الْمُنِيرِ مُنَاسَبَةُ الْآيَةِ لِلتَّرْجَمَةِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَطْلَقَ الْعَبْدَ الْمَمْلُوكَ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِكَوْنِهِ عَجَمِيًّا فَدَلَّ عَلَى أَنْ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْعَرَبِيِّ وَالْعَجَمِيِّ انْتَهَى وَقَالَ بن بَطَّالٍ تَأَوَّلَ بَعْضُ النَّاسِ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ وَفِي الِاسْتِدْلَالِ بِهَا لِذَلِكَ نَظَرٌ لِأَنَّهَا نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ الْإِثْبَاتِ فَلَا عُمُومَ فِيهَا وَقَدْ ذَكَرَ قَتَادَةُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْكَافِرُ خَاصَّةً نَعَمْ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى كَوْنِهِ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ بن عُمَرَ الْمَاضِي ذِكْرُهُ فِي الشُّرْبِ وَغَيْرِهِ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ إِنَّهُ يَمْلِكُ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَغَيْرِهِ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فَقَالَ مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِلَّذِي بَاعَهُ إِلَّا بِشَرْطٍ وَقَالَ فِيمَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ فَإِنَّ الْمَالَ لِلْعَبْدِ إِلَّا بِشَرْطٍ قَالَ وَحُجَّتُهُ فِي الْبَيْعِ حَدِيثُهُ عَنْ نَافِعٍ الْمَذْكُورُ وَهُوَ نَصٌّ فِي ذَلِكَ وَحُجَّتُهُ فِي الْعِتْقِ مَا رَوَاهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ بكير بن الْأَشَج عَن نَافِع عَن بن عُمَرَ رَفَعَهُ مَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا فَمَالُ الْعَبْدِ لَهُ الا أَن يستثنيه سَيّده قُلْتُ وَهُوَ حَدِيثٌ أَخْرَجَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَفَرَّقَ بَعْضُ أَصْحَابِ مَالِكٍ بِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ لَكِنْ لَمَّا كَانَ الْعِتْقُ صُورَةَ إِحْسَانٍ إِلَيْهِ نَاسَبَ ذَلِكَ أَنْ لَا يَنْزِعَ مِنْهُ مَا بِيَدِهِ تَكْمِيلًا لِلْإِحْسَانِ وَمِنْ ثَمَّ شُرِعَتِ الْمُكَاتَبَةُ وَسَاغَ لَهُ أَنْ يَكْتَسِبَ وَيُؤَدِّيَ إِلَى سَيِّدِهِ وَلَوْلَا أَنَّ لَهُ تَسَلُّطًا عَلَى مَا بِيَدِهِ فِي صُورَةِ الْعِتْقِ مَا أَغْنَى ذَلِكَ عَنْهُ شَيْئًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ فَأَمَّا قصَّة هوَازن فَسَيَأْتِي شَرْحُهَا مُسْتَوْفًى فِي الْمَغَازِي وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ الطَّرِيق عَن بن شِهَابٍ قَالَ ذَكَرَ عُرْوَةُ سَيَأْتِي فِي الشُّرُوطِ مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ وَقَوْلُهُ

[2539] اسْتَأْنَيْتُ بِالْمُثَنَّاةِ قَبْلَ الْأَلِفِ الْمَهْمُوزَةِ السَّاكِنَةِ ثُمَّ نُونٍ مَفْتُوحَةٍ وَتَحْتَانِيَّةٍ سَاكِنَةٍ أَيِ انْتَظَرْتُ وَقَوْلُهُ حَتَّى يَفِيءَ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ ثُمَّ فَاءٍ مَكْسُورَةٍ وَهَمْزَةٍ بَعْدَ التَّحْتَانِيَّةِ السَّاكِنَةِ أَيْ يَرْجِعَ إِلَيْنَا مِنْ مَالِ الْكُفَّارِ مِنْ خَرَاجٍ أَوْ غَنِيمَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَلَمْ يُرِدِ الْفَيْءَ الِاصْطِلَاحِيَّ وَحْدَهُ وَأَمَّا قِصَّةُ بَنِي الْمُصْطَلِقِ مِنْ حَدِيث بن عُمَرَ فَعَبْدُ اللَّهِ الْمَذْكُورُ فِي الْإِسْنَادِ هُوَ بن الْمُبَارَكِ وَقَوْلُهُ

[2541] أَغَارَ عَلَى بَنِي الْمُصْطَلِقِ بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الطَّاءِ وَكَسْرِ اللَّامِ بَعْدَهَا قَافٌ وَبَنُو الْمُصْطَلِقِ بَطْنٌ شَهِيرٌ مِنْ خُزَاعَةَ وَهُوَ الْمُصْطَلِقُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ وَيُقَالُ إِنَّ الْمُصْطَلِقَ لَقَبٌ وَاسْمُهُ جَذِيمَةُ بِفَتْحِ الْجِيمِ بَعْدَهَا ذَالٌ مُعْجَمَةٌ مَكْسُورَةٌ وَسَيَأْتِي شَرْحُ هَذِهِ الْغَزَاةِ فِي كِتَابِ الْمَغَازِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَوْلُهُ وَهُمْ غَارُّونَ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ جَمْعُ غَارٍّ بِالتَّشْدِيدِ أَيْ غَافِلٍ أَيْ أَخَذَهُمْ عَلَى غِرَّةٍ قَوْلُهُ وَأَصَابَ يَوْمَئِذٍ جُوَيْرِيَةَ بِالْجِيمِ مُصَغَّرًا بِنْتَ الْحَارِثِ بْنِ أبي ضرار بِكَسْر الْمُعْجَمَة وَتَخْفِيف الرَّاء بن الْحَارِثِ بْنِ مَالِكِ بْنِ الْمُصْطَلِقِ وَكَانَ أَبُوهَا سَيِّدَ قَوْمِهِ وَقَدْ أَسْلَمَ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَن بن عَوْنٍ وَبَيَّنَ فِيهِ أَنَّ نَافِعًا اسْتَدَلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى نَسْخِ الْأَمْرِ بِالدُّعَاءِ إِلَى الْإِسْلَامِ قَبْلَ الْقِتَالِ وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِي ذَلِكَ فِي بَابِ الدَّعْوَةِ قَبْلَ الْقِتَالِ مِنْ كِتَابِ الْجِهَادِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ فَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ مُسْتَوْفًى إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى حَيْثُ سَاقَهُ هُنَاكَ تَاما وَقَوله

[2542] هُنَا بن حبَان هُوَ بِفَتْح أَوله وَالْمُوَحَّدَة الثَّقِيلَة وبن مُحَيْرِيزٍ بِالْمُهْمَلَةِ وَرَاءٍ وَزَايٍ مُصَغَّرٌ وَقَوْلُهُ نَسَمَةٍ بِفَتْح النُّون والمهملة أَي نفس وَأما حَدِيث أبي هُرَيْرَة فَأوردهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ شَيْخَيْنِ لَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا حَدَّثَهُ بِهِ عَنْ جَرِيرٍ لَكِنَّهُ فَرَّقَهُمَا لِأَنَّ أَحَدَهُمَا زَادَ فِيهِ عَنْ جَرِيرٍ إِسْنَادًا آخَرَ وَسَاقَهُ هُنَا عَلَى لَفْظِ أَحَدِهِمَا وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَّامٍ وَسَيَأْتِي فِي الْمَغَازِي عَلَى لَفْظِ الْآخَرِ وَهُوَ زُهَيْر بن حَرْب ومغيرة هُوَ بن مقسم الضَّبِّيّ والْحَارث هُوَ بن يَزِيدَ وَالْعُكْلِيِّ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْكَافِ وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ إِلَّا هَذَا الْحَدِيثُ وَقَدْ أَغْفَلَهُ الْكَلَابَاذِيُّ مِنْ رِجَالِ الْبُخَارِيِّ وَهُوَ ثِقَةٌ جَلِيلُ الْقَدْرِ مِنْ أَقْرَانِ الرَّاوِي عَنْهُ مُغِيرَةَ لَكِنَّهُ تَقَدَّمَ عَلَيْهِ فِي الْوَفَاةِ وَالْإِسْنَادُ كُلُّهُ كُوفِيُّونَ غَيْرَ طَرَفَيْهِ الصَّحَابِيِّ وَشَيْخِ الْبُخَارِيِّ

الصفحة 171