كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 5)

(قَوْلُهُ بَابُ كَرَاهِيَةِ التَّطَاوُلِ عَلَى الرَّقِيقِ)
أَيِ التَّرَفُّعِ عَلَيْهِمْ وَالْمُرَادُ مُجَاوَزَةُ الْحَدِّ فِي ذَلِكَ وَالْمُرَادُ بِالْكَرَاهَةِ كَرَاهَةُ التَّنْزِيهِ قَوْلُهُ عَبْدِي أَوْ أَمَتِي أَيْ وَكَرَاهِيَةِ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ تَحْرِيمٍ وَلِذَلِكَ اسْتَشْهَدَ لِلْجَوَازِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى وَالصَّالِحِينَ مِنْ عبادكُمْ وَإِمَائِكُمْ وَبِغَيْرِهَا مِنَ الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ الدَّالَّةِ عَلَى الْجَوَازِ ثُمَّ أَرْدَفَهَا بِالْحَدِيثِ الْوَارِدِ فِي النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ الْوَارِدَ فِي ذَلِكَ لِلتَّنْزِيهِ حَتَّى أَهْلُ الظَّاهِرِ إِلَّا مَا سَنذكرُهُ عَن بن بَطَّالٍ فِي لَفْظِ الرَّبِّ قَوْلُهُ وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ هُوَ طَرَفٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ فِي قِصَّةِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ وَحُكْمُهُ عَلَى بَنِي قُرَيْظَةَ وَسَيَأْتِي تَامًّا فِي الْمَغَازِي مَعَ الْكَلَامِ عَلَيْهِ قَوْلُهُ وَمَنْ سَيِّدُكُمْ سَقَطَ هَذَا مِنْ رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ وَأَبِي ذَرٍّ وَأَبِي الْوَقْتِ وَثَبَتَ لِلْبَاقِينَ وَهُوَ طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ أَخْرَجَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ مِنْ طَرِيقِ حَجَّاجٍ الصَّوَّافِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ قَالَ حَدَّثَنَا جَابِرٌ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ سَيِّدُكُمْ يَا بَنِي سَلَمَةَ قُلْنَا الْجَدُّ بْنُ قَيْسٍ عَلَى أَنَّا نُبَخِّلُهُ قَالَ وَأَيُّ دَاءٍ أَدْوَى مِنَ الْبُخْلِ بَلْ سَيِّدُكُمْ عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ وَكَانَ عَمْرٌو يَعْتَرِضُ عَلَى أَصْنَامِهِمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَكَانَ يُولِمُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا تَزَوَّجَ وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ نَحْوَهُ وَرَوَاهُ بن عَائِشَةَ فِي نَوَادِرِهِ مِنْ طَرِيقِ الشَّعْبِيِّ مُرْسَلًا وَزَادَ قَالَ فَقَالَ بَعْضُ الْأَنْصَارِ فِي ذَلِكَ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ لِمَنْ قَالَ مِنَّا مَنْ تُسَمُّونَ سَيِّدَا فَقَالُوا لَهُ جَدُّ بْنُ قَيْسٍ عَلَى الَّتِي نُبَخِّلُهُ فِيهَا وَإِنْ كَانَ أَسْوَدَا فَسَوَّدَ عَمْرَو بْنَ الْجَمُوحِ لِجُودِهِ وَحُقَّ لِعَمْرٍو بِالنَّدَى أَنْ يُسَوَّدَا انْتَهَى وَالْجَدُّ بِفَتْح الْجِيم وَتَشْديد الدَّال هُوَ بن قَيْسِ بْنِ صَخْرِ بْنِ خَنْسَاءَ بْنِ سِنَانِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ غَنْمٍ بِسُكُونِ النُّون بن كَعْبِ بْنِ سَلِمَةَ بِكَسْرِ اللَّامِ يُكَنَّى أَبَا عَبْدِ اللَّهِ لَهُ ذِكْرٌ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّهُ حَمَلَهُ مَعَهُ فِي بَيْعَةِ الْعَقَبَةِ قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ كَانَ يُرْمَى بِالنِّفَاقِ وَيُقَالُ إِنَّهُ تَابَ وَحَسُنَتْ تَوْبَتُهُ وَعَاشَ إِلَى أَنْ مَاتَ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ وَأَمَّا عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَضَمِّ الْمِيمِ الْخَفِيفَةِ وَآخِرُهُ مُهْمَلَةٌ بن زيد بن حرَام بمهملتين بن كَعْبِ بْنِ غَنْمِ بْنِ كَعْبِ بْنِ سَلِمَةَ قَالَ بن إِسْحَاقَ كَانَ مِنْ سَادَاتِ بَنِي سَلِمَةَ وَذَكَرَ لَهُ قِصَّةً فِي صَنَمِهِ وَسَبَبِ إِسْلَامِهِ وَقَوْلُهُ فِيهِ تَاللَّهِ لَوْ كُنْتَ إِلَهًا لَمْ تَكُنْ أَنْتَ وَكَلْبٌ وَسَطَ بِئْرٍ فِي قَرْنِ وَرَوَى أَحْمَدُ وَعُمَرُ بْنُ شَبَّةَ فِي أَخْبَارِ الْمَدِينَةِ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْجَمُوحِ أَتَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَرَأَيْتَ إِنْ قَاتَلْتُ حَتَّى أُقْتَلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تُرَانِي أَمْشِي بِرِجْلِي هَذِهِ صَحِيحَةً فِي الْجَنَّةِ فَقَالَ نَعَمْ وَكَانَتْ عَرْجَاءَ زَادَ عُمَرُ فَقُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ رَحِمَهُ الله وَقد روى بن مَنْدَه وَأَبُو

الصفحة 178