كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 5)

عَن مَالك عِنْد الْإِسْمَاعِيلِيِّ سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ قَوْلُهُ مَا فُتِحَتْ بِضَم الْفَاء على الْبناء للْمَجْهُول وقرية بِالرَّفْعِ وَبِفَتْحِ الْفَاءِ وَنَصْبِ قَرْيَةٍ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ قَوْله الا قسمتهَا زَاد بن إِدْرِيسَ فِي رِوَايَتِهِ مَا افْتَتَحَ الْمُسْلِمُونَ قَرْيَةً مِنْ قُرَى الْكُفَّارِ إِلَّا قَسَمْتُهَا سُهْمَانًا قَوْلُهُ كَمَا قَسَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَر زَاد بن إِدْرِيسَ فِي رِوَايَتِهِ لَكِنْ أَرَدْتُ أَنْ تَكُونَ جِزْيَةً تَجْرِي عَلَيْهِمْ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى هَذِهِ اللَّفْظَةِ فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ مِنْ كِتَابِ الْمَغَازِي وروى الْبَيْهَقِيّ من وَجه آخر عَن بن وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ سَبَبَ قَوْلِ عُمَرَ هَذَا وَلَفْظُهُ لَمَّا فَتَحَ عُمَرُ الشَّامَ قَامَ إِلَيْهِ بِلَالٌ فَقَالَ لَتَقْسِمَنَّهَا أَوْ لَنُضَارِبَنَّ عَلَيْهَا بِالسَّيْفِ فَقَالَ عُمَرُ فَذَكَرَهُ قَالَ بن التِّينِ تَأَوَّلَ عُمَرُ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى وَالَّذِينَ جاؤوا من بعدهمْ فَرَأَى أَنَّ لِلْآخِرِينَ أُسْوَةً بِالْأَوَّلِينَ فَخَشِيَ لَوْ قَسَمَ مَا يُفْتَحُ أَنْ تَكْمُلَ الْفُتُوحُ فَلَا يَبْقَى لِمَنْ يَجِيءُ بَعْدَ ذَلِكَ حَظٌّ فِي الْخَرَاجِ فَرَأَى أَنْ تُوقَفَ الْأَرْضُ الْمَفْتُوحَةُ عَنْوَةً وَيَضْرِبَ عَلَيْهَا خَرَاجًا يَدُومُ نَفْعُهُ لِلْمُسْلِمِينَ وَقَدِ اخْتَلَفَ نَظَرُ الْعُلَمَاءِ فِي قِسْمَةِ الْأَرْضِ الْمَفْتُوحَةِ عَنْوَةً عَلَى قَوْلَيْنِ شَهِيرَيْنِ كَذَا قَالَ وَفِي الْمَسْأَلَةِ أَقْوَالٌ أَشْهَرُهَا ثَلَاثَةٌ فَعَنْ مَالِكٍ تَصِيرُ وَقْفًا بِنَفْسِ الْفَتْحِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيِّ يَتَخَيَّرُ الْإِمَامُ بَيْنَ قِسْمَتِهَا وَوَقْفِيَّتِهَا وَعَنِ الشَّافِعِيِّ يَلْزَمُهُ قِسْمَتُهَا إِلَّا أَنْ يَرْضَى بِوَقْفِيَّتِهَا مَنْ غَنِمَهَا وَسَيَأْتِي بَقِيَّةُ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي أَوَاخِرِ الْجِهَادِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

(قَوْلُهُ بَابُ مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَوَاتًا)
بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْوَاوِ الْخَفِيفَةِ قَالَ الْقَزَّازُ الْمَوَاتُ الْأَرْضُ الَّتِي لَمْ تُعْمَرْ شُبِّهَتِ الْعِمَارَةُ بِالْحَيَاةِ وَتَعْطِيلُهَا بِفَقْدِ الْحَيَاةِ وَإِحْيَاءُ الْمَوَاتِ أَنْ يَعْمِدَ الشَّخْصُ لأرض لَا يعلم تقدم ملك عَلَيْهَا لِأَحَدٍ فَيُحْيِيهَا بِالسَّقْيِ أَوِ الزَّرْعِ أَوِ الْغَرْسِ أَوِ الْبِنَاءِ فَتَصِيرُ بِذَلِكَ مِلْكَهُ سَوَاءٌ كَانَتْ فِيمَا قَرُبَ مِنَ الْعُمْرَانِ أَمْ بَعُدَ سَوَاءٌ أَذِنَ لَهُ الْإِمَامُ فِي ذَلِكَ أَمْ لَمْ يَأْذَنْ وَهَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ لَا بُدَّ مِنْ إِذْنِ الْإِمَامِ مُطْلَقًا وَعَنْ مَالِكٍ فِيمَا قَرُبَ وَضَابِطُ الْقُرْبِ مَا بِأَهْلِ الْعُمْرَانِ إِلَيْهِ حَاجَةٌ مِنْ رَعْيٍ وَنَحْوِهِ وَاحْتَجَّ الطَّحَاوِيُّ لِلْجُمْهُورِ مَعَ حَدِيثِ الْبَابِ بِالْقِيَاسِ عَلَى مَاءِ الْبَحْرِ وَالنَّهَرِ وَمَا يُصَادُ مِنْ طَيْرٍ وَحَيَوَانٍ فَإِنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ مَنْ أَخَذَهُ أَوْ صَادَهُ يَمْلِكُهُ سَوَاءٌ قَرُبَ أَمْ بَعُدَ سَوَاءٌ أَذِنَ الْإِمَامُ أَوْ لَمْ يَأْذَنْ قَوْلُهُ وَرَأَى عَلِيٌّ ذَلِكَ فِي أَرْضِ الْخَرَابِ بِالْكُوفَةِ كَذَا وَقَعَ لِلْأَكْثَرِ وَفِي رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ فِي أَرْضِ الْكُوفَةِ مَوَاتًا قَوْلُهُ وَقَالَ عُمَرُ مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيِّتَةً فَهِيَ لَهُ وَصَلَهُ مَالك فِي الْمُوَطَّأ عَن بن شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ مِثْلَهُ وَرُوِّينَا فِي الْخَرَاجِ لِيَحْيَى بْنِ آدَمَ سَبَبُ ذَلِكَ فَقَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ النَّاسُ يَتَحَجَّرُونَ يَعْنِي الأَرْض على عهد عمر فَقَالَ مَنْ أَحْيَا أَرْضًا فَهِيَ لَهُ

الصفحة 18