كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 5)

(قَوْلُهُ بَابُ إِذَا ضَرَبَ الْعَبْدَ فَلْيَجْتَنِبِ الْوَجْهَ)
الْعَبْدَ بِالنَّصْبِ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ وَالْفَاعِلُ مَحْذُوفٌ لِلْعِلْمِ بِهِ وَذِكْرُ الْعَبْدِ لَيْسَ قَيْدًا بَلْ هُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْأَفْرَادِ الدَّاخِلِينَ فِي ذَلِكَ وَإِنَّمَا خُصَّ بِالذِّكْرِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا بَيَانُ حُكْمِ الرَّقِيقِ كَذَا قَرَّرَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَأَظُنُّ الْمُصَنِّفُ أَشَارَ إِلَى مَا أَخْرَجَهُ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ أَخْبَرَنِي سَعِيدٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِلَفْظِ إِذَا ضَرَبَ أَحَدُكُمْ خَادِمَهُ

[2559] قَوْلُهُ فِي الْإِسْنَادِ حَدَّثَنِي مُحَمَّد بن عبيد الله هُوَ بن ثَابِتٍ الْمَدَنِيُّ وَرِجَالُ الْإِسْنَادِ كُلُّهُمْ مَدَنِيُّونَ وَكَأَنَّ أَبَا ثَابت تفرد بِهِ عَن بن وَهْبٍ فَإِنِّي لَمْ أَرَهُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْمُصَنَّفَاتِ إِلَّا مِنْ طَرِيقِهِ قَوْلُهُ قَالَ وَأَخْبَرَنِي بن فُلَانٍ قَائِلُ ذَلِكَ هُوَ أَبُو ثَابِتٍ فَهُوَ مَوْصُول وَلَيْسَ بمعلق وفاعل قَالَ هُوَ بن وَهْبٍ وَكَأَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ لَفْظِ مَالِكٍ وَبِالْقِرَاءَةِ على الآخر وَكَانَ بن وهب حَرِيصًا على تَمْيِيز ذَلِك وَأما بن فلَان فَقَالَ الْمزي يُقَال هُوَ بن سَمْعَانَ يَعْنِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ سَمْعَانَ الْمَدَنِيَّ وَهُوَ يُوهِمُ تَضْعِيفَ ذَلِكَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ جَزَمَ بِذَلِكَ أَبُو نَصْرٍ الْكَلَابَاذِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَالَهُ قَبْلَهُ بَعْضُ الْقُدَمَاءِ أَيْضًا فَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ الْهَرَوِيُّ فِي رِوَايَتِهِ عَنِ الْمُسْتَمْلِي قَالَ أَبُو حَرْبٍ الَّذِي قَالَ بن فلَان هُوَ بن وهب وبن فلَان هُوَ بن سَمْعَانَ قُلْتُ وَأَبُو حَرْبٍ هَذَا هُوَ بَيَانٌ وَقَدْ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي غَرَائِبِ مَالِكٍ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خِرَاشٍ بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ عَنِ الْبُخَارِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو ثَابِتٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْمَدَنِيُّ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ لَكِنْ قَالَ بدل قَوْله بن فلَان بن سَمْعَانَ فَكَأَنَّ الْبُخَارِيَّ كَنَّى عَنْهُ فِي الصَّحِيحِ عَمْدًا لِضَعْفِهِ وَلَمَّا حَدَّثَ بِهِ خَارِجَ الصَّحِيحِ نَسَبَهُ وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ بِمَا خَرَّجَهُ مِنْ طَرِيقِ الْعَبَّاسِ بْنِ الْفضل عَن أبي ثَابت وَقَالَ فِيهِ بن سَمْعَانَ وَقَالَ بَعْدَهُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي ثَابت فَقَالَ بن فلَان وَأخرجه فِي مَوضِع آخر فَقَالَ بن سمْعَان وبن سَمْعَانَ الْمَذْكُورُ مَشْهُورٌ بِالضَّعْفِ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ كَذَّبَهُ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَغَيْرُهُمَا وَمَا لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ شَيْءٌ إِلَّا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ ثُمَّ إِنَّ الْبُخَارِيَّ لَمْ يَسُقِ الْمَتْنَ مِنْ طَرِيقِهِ مَعَ كَوْنِهِ مَقْرُونًا بِمَالِكٍ بَلْ سَاقَهُ عَلَى لَفْظِ الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَهِيَ رِوَايَةُ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ فَلْيَتَّقِ بَدَلَ فَلْيَجْتَنِبْ وَهِيَ رِوَايَةُ أَبِي نُعَيْمٍ الْمَذْكُورَةُ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ إِذَا ضَرَبَ وَمِثْلُهُ لِلنَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ عَجْلَانَ وَلِأَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَلَمَةَ كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ قَوْلَهُ فِي رِوَايَةِ هَمَّامٍ قَاتَلَ بِمَعْنَى قَتَلَ وَأَنَّ الْمُفَاعَلَةَ فِيهِ لَيْسَتْ عَلَى ظَاهِرِهَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ عَلَى ظَاهِرِهَا لِيَتَنَاوَلَ مَا يَقَعُ عِنْدَ دَفْعِ الصَّائِلِ مَثَلًا فَيَنْهَى دَافِعَهُ عَنِ الْقَصْدِ بِالضَّرْبِ إِلَى وَجْهِهِ وَيَدْخُلُ فِي النَّهْيِ كُلُّ مَنْ ضُرِبَ فِي حَدٍّ أَوْ تَعْزِيرٍ أَوْ تَأْدِيبٍ

الصفحة 182