كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 5)

يُقَدِّرُونَ فِيهِ مَحْذُوفًا وَقَالَ السُّهَيْلِيُّ وَغَيْرُهُ جَاءَ بِرَفْعِ الْهَمْزَةِ عَلَى أَنَّهُ مُنَادًى مُفْرَدٌ وَيَجُوزُ فِي الْمُسْلِمَاتِ الرَّفْعُ صِفَةً عَلَى اللَّفْظِ عَلَى مَعْنَى يَا أَيُّهَا النِّسَاءُ الْمُسْلِمَاتُ وَالنَّصْبُ صِفَةً عَلَى الْمَوْضِعِ وَكَسْرَةُ التَّاءِ عَلَامَةُ النَّصْبِ وَرُوِيَ بِنَصْبِ الْهَمْزَةِ عَلَى أَنَّهُ مُنَادًى مُضَافٌ وَكَسْرَةِ التَّاءِ لِلْخَفْضِ بِالْإِضَافَةِ كَقَوْلِهِمْ مَسْجِدِ الْجَامِعِ وَهُوَ مِمَّا أُضِيفَ فِيهِ الْمَوْصُوفُ إِلَى الصِّفَةِ فِي اللَّفْظِ فَالْبَصْرِيُّونَ يَتَأَوَّلُونَهُ عَلَى حَذْفِ الْمَوْصُوفِ وَإِقَامَةِ صِفَتِهِ مَقَامَهُ نَحْوُ يَا نِسَاءَ الْأَنْفُسِ الْمُسْلِمَاتِ أَوْ يَا نِسَاءَ الطَّوَائِفِ الْمُؤْمِنَاتِ أَيْ لَا الْكَافِرَاتِ وَقِيلَ تَقْدِيرُهُ يَا فَاضِلَاتِ الْمُسْلِمَاتِ كَمَا يُقَالُ هَؤُلَاءِ رِجَالُ الْقَوْمِ أَيْ أَفَاضِلُهُمْ وَالْكُوفِيُّونَ يَدَّعُونَ أَنْ لَا حَذْفَ فِيهِ وَيَكْتَفُونَ بِاخْتِلَافِ الْأَلْفَاظ فِي الْمُغَايرَة وَقَالَ بن رَشِيدٍ تَوْجِيهُهُ أَنَّهُ خَاطَبَ نِسَاءً بِأَعْيَانِهِنَّ فَأَقْبَلَ بِنِدَائِهِ عَلَيْهِنَّ فَصَحَّتِ الْإِضَافَةُ عَلَى مَعْنَى الْمَدْحِ لَهُنَّ فَالْمَعْنَى يَا خَيْرَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ كَمَا يُقَالُ رِجَالُ الْقَوْمِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَمْ يَخْصُصْهُنَّ بِهِ لِأَن غَيْرهنَّ يشاركهن فِي الحكم وَأجِيب بأنهن يشاركنهن بطرِيق الْإِلْحَاق وَأنكر بن عبد الْبر رِوَايَة الْإِضَافَة ورده بن السَّيِّدِ بِأَنَّهَا قَدْ صَحَّتْ نَقْلًا وَسَاعَدَتْهَا اللُّغَةُ فَلَا معنى للانكار وَقَالَ بن بَطَّالٍ يُمْكِنُ تَخْرِيجُ يَا نِسَاءَ الْمُسْلِمَاتِ عَلَى تَقْدِيرٍ بَعِيدٍ وَهُوَ أَنْ يُجْعَلَ نَعْتًا لِشَيْءٍ مَحْذُوفٍ كَأَنَّهُ قَالَ يَا نِسَاءَ الْأَنْفُسِ الْمُسْلِمَاتِ وَالْمُرَادُ بِالْأَنْفُسِ الرِّجَالُ وَوَجْهُ بُعْدِهِ أَنَّهُ يَصِيرُ مَدْحًا لِلرِّجَالِ وَهُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا خَاطَبَ النِّسَاءَ قَالَ إِلَّا أَنْ يُرَادَ بِالْأَنْفُسِ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ مَعًا وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ وَتعقبه بن الْمُنِيرِ وَقَدْ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ بِلَفْظِ يَا نِسَاءَ الْمُؤْمِنِينَ الْحَدِيثَ قَوْلُهُ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَلِأَبِي ذَرٍّ لِجَارَةٍ وَالْمُتَعَلِّقُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ هَدِيَّةً مُهْدَاةً قَوْلُهُ فِرْسِنَ بِكَسْرِ الْفَاءِ وَالْمُهْمَلَةِ بَيْنَهُمَا رَاءٌ سَاكِنَةٌ وَآخِرُهُ نُونٌ هُوَ عَظِيم قَلِيلُ اللَّحْمِ وَهُوَ لِلْبَعِيرِ مَوْضِعُ الْحَافِرِ لِلْفَرَسِ وَيُطْلَقُ عَلَى الشَّاةِ مَجَازًا وَنُونُهُ زَائِدَةٌ وَقِيلَ أَصْلِيَّةٌ وَأُشِيرَ بِذَلِكَ إِلَى الْمُبَالَغَةِ فِي إِهْدَاءِ الشَّيْءِ الْيَسِيرِ وَقَبُولُهُ لَا إِلَى حَقِيقَةِ الْفِرْسِنِ لِأَنَّهُ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِإِهْدَائِهِ أَيْ لَا تَمْنَعُ جَارَةٌ مِنَ الْهَدِيَّةِ لِجَارَتِهَا الْمَوْجُودَ عِنْدَهَا لِاسْتِقْلَالِهِ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ تَجُودَ لَهَا بِمَا تَيَسَّرَ وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا فَهُوَ خَيْرٌ مِنَ الْعَدَمِ وَذِكْرُ الْفِرْسِنِ عَلَى سَبِيلِ الْمُبَالَغَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ النَّهْيُ إِنَّمَا وَقَعَ لِلْمُهْدَى إِلَيْهَا وَأَنَّهَا لَا تَحْتَقِرُ مَا يُهْدَى إِلَيْهَا وَلَوْ كَانَ قَلِيلًا وَحَمْلُهُ عَلَى الْأَعَمِّ مِنْ ذَلِكَ أَوْلَى وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ الْمَذْكُورِ يَا نِسَاءَ الْمُؤْمِنِينَ تَهَادَوْا وَلَوْ فِرْسِنَ شَاةٍ فَإِنَّهُ يُنْبِتُ الْمَوَدَّةَ وَيُذْهِبُ الضَّغَائِنَ وَفِي الْحَدِيثِ الْحَضُّ عَلَى التَّهَادِي وَلَوْ بِالْيَسِيرِ لِأَنَّ الْكَثِيرَ قَدْ لَا يَتَيَسَّرُ كُلَّ وَقْتٍ وَإِذَا تَوَاصَلَ الْيَسِيرُ صَارَ كَثِيرًا وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ الْمَوَدَّةِ وَإِسْقَاطُ التَّكَلُّفِ

[2567] قَوْلُهُ بن أَبِي حَازِمٍ هُوَ عَبْدُ الْعَزِيزِ قَوْلُهُ يَزِيدُ بْنُ رُومَانَ بِضَمِّ الرَّاءِ وَرِجَالُ الْإِسْنَادِ كُلُّهُمْ مَدَنِيُّونَ وَفِيهِ ثَلَاثَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ فِي نَسَقٍ أَوَّلُهُمْ أَبُو حَازِمٍ وَهُوَ سَلَمَةُ بْنُ دِينَارٍ قَوْله بن أُخْتِي بِالنَّصْبِ عَلَى النِّدَاءِ وَأَدَاةُ النِّدَاءِ مَحْذُوفَةٌ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى عَن عبد الْعَزِيز وَالله يَا بن أُخْتِي قَوْلُهُ إِنْ كُنَّا لَنَنْظُرُ هِيَ الْمُخَفَّفَةُ من الثَّقِيلَة وضميرها مستتر وَلِهَذَا دَخَلَتِ اللَّامُ فِي الْخَبَرِ قَوْلُهُ ثَلَاثَةَ أَهِلَّةٍ يَجُوزُ فِي ثَلَاثَةٍ الْجَرُّ وَالنَّصْبُ قَوْلُهُ فِي شَهْرَيْنِ هُوَ بِاعْتِبَارِ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ أَوَّلَ الشَّهْرِ ثُمَّ رُؤْيَتِهِ ثَانِيًا فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ الثَّانِي ثُمَّ رُؤْيَتِهِ ثَالِثًا فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ الثَّالِثِ فَالْمُدَّةُ سِتُّونَ يَوْمًا وَالْمَرْئِيُّ ثَلَاثَةُ أَهِلَّةٍ وَسَيَأْتِي فِي الرِّقَاقِ مِنْ طَرِيقِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ بِلَفْظِ كَانَ يَأْتِي عَلَيْنَا الشَّهْرُ مَا نُوقِدُ فِيهِ نَارًا وَفِي رِوَايَةِ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ هَذِهِ زِيَادَةٌ عَلَيْهِ وَلَا مُنَافَاةَ بَينهمَا وَقد أخرجه بن مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ بِلَفْظِ لَقَدْ كَانَ يَأْتِي عَلَى آلِ مُحَمَّدٍ الشَّهْرُ مَا يُرَى فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِهِ الدُّخَانُ قَوْلُهُ مَا يُعِيشُكُمْ بِضَمِّ أَوَّلِهِ يُقَالُ أَعَاشَهُ اللَّهُ عِيشَةً وَضَبَطَهُ النَّوَوِيُّ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ التَّحْتَانِيَّةِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ مَا يُغْنِيكُمْ بِسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ بَعْدَهَا نُونٌ مَكْسُورَةٌ ثُمَّ تَحْتَانِيَّةٌ سَاكِنَةٌ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي

الصفحة 198