كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 5)

(قَوْلُهُ بَابُ مَا لَا يُرَدُّ مِنَ الْهَدِيَّةِ)
كَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيث بن عُمَرَ مَرْفُوعًا ثَلَاثٌ لَا تُرَدُّ الْوَسَائِدُ وَالدُّهْنُ وَاللَّبَنُ قَالَ التِّرْمِذِيُّ يَعْنِي بِالدُّهْنِ الطِّيبَ وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ إِلَّا أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ فَأَشَارَ إِلَيْهِ وَاكْتَفَى بِحَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يَرُدُّ الطِّيبَ قَالَ بن بَطَّالٍ إِنَّمَا كَانَ لَا يَرُدُّ الطِّيبَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ مُلَازِمٌ لِمُنَاجَاةِ الْمَلَائِكَةِ وَلِذَلِكَ كَانَ لَا يَأْكُلُ الثُّومَ وَنَحْوَهُ قُلْتُ لَوْ كَانَ هَذَا هُوَ السَّبَبَ فِي ذَلِكَ لَكَانَ مِنْ خَصَائِصِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ أَنَسًا اقْتَدَى بِهِ فِي ذَلِكَ وَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ رَدِّهِ مَقْرُونًا بِبَيَانِ الْحِكْمَةِ فِي ذَلِكَ فِي حَدِيثٍ صَحِيحٍ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَأَبُو عَوَانَةَ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا مَنْ عُرِضَ عَلَيْهِ طِيبٌ فَلَا يَرُدُّهُ فَإِنَّهُ خَفِيفُ الْحِمْلِ طَيِّبُ الرَّائِحَةِ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ لَكِنْ قَالَ رَيْحَانٌ بَدَلَ طِيبٍ وَرِوَايَةُ الْجَمَاعَةِ أَثْبَتُ فَإِنَّ أَحْمَدَ وَسَبْعَةَ أَنْفُسٍ مَعَهُ رَوَوْهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ بِلَفْظِ الطِّيبِ وَوَافَقَهُ بن وهب عَن سعيد عِنْد بن حِبَّانَ وَالْعَدَدُ الْكَثِيرُ أَوْلَى بِالْحِفْظِ مِنَ الْوَاحِدِ وَقد قَالَ التِّرْمِذِيّ عقب حَدِيث أنس وبن عُمَرَ وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَأَشَارَ إِلَى هَذَا الْحَدِيثِ

[2582] قَوْلُهُ عَزْرَةُ هُوَ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الزَّايِ بَعْدَهَا رَاءٌ قَوْلُهُ حَدَّثَنِي ثُمَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ دَخَلْتُ عَلَيْهِ فَنَاوَلَنِي طِيبًا قَالَ كَانَ أَنَسٌ لَا يَرُدُّ الطِّيبَ فَاعِلُ قَالَ هُوَ عَزْرَةُ وَالضَّمِيرُ لِثُمَامَةَ وَزَعَمَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ أَنَّ الضَّمِيرَ لِأَنَسٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ مِنْ طَرِيقِ بِشْرِ بْنِ مُعَاذٍ عَنْ عَبْدِ الْوَارِثِ عَنْ عَزْرَةَ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى ثُمَامَةَ فَنَاوَلَنِي طِيبًا قُلْتُ قَدْ تَطَيَّبْتُ فَقَالَ كَانَ أَنَسٌ لَا يَرُدُّ الطِّيبَ قَوْلُهُ وَزَعَمَ أَيْ قَالَ والزعم يُطلق على القَوْل كثيرا

(قَوْلُهُ بَابُ مَنْ رَأَى الْهِبَةَ الْغَائِبَةَ جَائِزَةً)
ذَكَرَ فِيهِ طَرَفًا مِنْ حَدِيثِ الْمِسْوَرِ وَمَرْوَانَ فِي قِصَّةِ هَوَازِنَ وَمُرَادُهُ

الصفحة 209