كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 5)

(قَوْلُهُ بَابُ الْهِبَةِ لِلْوَلَدِ)
وَإِذَا أَعْطَى بَعْضَ وَلَدِهِ شَيْئًا لَمْ يَجُزْ حَتَّى يَعْدِلَ بَيْنَهُمْ وَيُعْطِيَ الْآخَرَ مِثْلَهُ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ وَيُعْطِي الْآخَرِينَ قَوْلُهُ وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ فِي الْعَطِيَّةِ سَيَأْتِي مَوْصُولًا فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ بِدُونِ قَوْلِهِ فِي الْعَطِيَّةِ وَهِيَ بِالْمَعْنَى وَقَدْ أَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُغِيرَةَ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ النُّعْمَانِ فَذَكَرَ هَذِهِ الزِّيَادَةَ وَلَفْظُهُ سَوُّوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ فِي الْعَطِيَّةِ كَمَا تُحِبُّونَ أَنْ يُسَوُّوا بَيْنَكُمْ فِي الْبر وَيَأْتِي حَدِيث بن عَبَّاسٍ أَيْضًا فِي أَوَاخِرِ الْبَابِ قَوْلُهُ وَهَلْ لِلْوَالِدِ أَنْ يَرْجِعَ فِي عَطِيَّتِهِ يَعْنِي لِوَلَدِهِ وَمَا يَأْكُلُ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ بِالْمَعْرُوفِ وَلَا يَتَعَدَّى اشْتَمَلَتْ هَذِهِ التَّرْجَمَةُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَحْكَامٍ الْأَوَّلُ الْهِبَةُ لِلْوَلَدِ وَإِنَّمَا تَرْجَمَ بِهِ لِيَرْفَعَ إِشْكَالَ مَنْ يَأْخُذُ بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ لِأَنَّ مَالَ الْوَلَدِ إِذَا كَانَ لِأَبِيهِ فَلَوْ وَهَبَ الْأَبُ وَلَدَهُ شَيْئًا كَانَ كَأَنَّهُ وَهَبَ نَفْسَهُ فَفِي التَّرْجَمَةِ إِشَارَةٌ إِلَى ضَعْفِ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ أَوْ إِلَى تَأْوِيلِهِ وَهُوَ حَدِيث أخرجه بن مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ غَرِيبٌ تَفَرَّدَ بِهِ عِيسَى بْنُ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ وَيُوسُفُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ عَن بن الْمُنْكَدر وَقَالَ بن الْقَطَّانِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَقَالَ الْمُنْذِرِيُّ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْ جَابِرٍ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فِي الصَّغِيرِ وَالْبَيْهَقِيِّ فِي الدَّلَائِلِ فِيهَا قِصَّةٌ مُطَوَّلَةٌ وَفِي الْبَابِ عَنْ عَائِشَةَ فِي صَحِيحِ بن حِبَّانَ وَعَنْ سَمُرَةَ وَعَنْ عُمَرَ كِلَاهُمَا عِنْدَ الْبَزَّار وَعَن بن مَسْعُود عِنْد الطَّبَرَانِيّ وَعَن بن عُمَرَ عِنْدَ أَبِي يَعْلَى فَمَجْمُوعُ طُرُقِهِ لَا تَحُطُّهُ عَنِ الْقُوَّةِ وَجَوَازِ الِاحْتِجَاجِ بِهِ فَتَعَيَّنَ تَأْوِيلُهُ الْحُكْمُ الثَّانِي الْعَدْلُ بَيْنَ الْأَوْلَادِ فِي الْهِبَةِ وَهِيَ مِنْ مَسَائِلِ الْخِلَافِ كَمَا سِيَأْتِي وَحَدِيثُ الْبَابِ عَنِ النُّعْمَانِ حُجَّةُ مَنْ أَوْجَبَهُ الثَّالِثُ رُجُوعُ الْوَالِدِ فِيمَا وَهَبَ لِلْوَلَدِ وَهِيَ خِلَافِيَّةٌ أَيْضًا وَمِنْهُمْ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّدَقَةِ وَالْهِبَةِ فَلَا يَرْجِعُ فِي الصَّدَقَةِ لِأَنَّهُ يُرَادُ بِهَا ثَوَابُ الْآخِرَةِ وَحَدِيثُ الْبَابِ ظَاهِرٌ فِي الْجَوَازِ كَمَا سَيَأْتِي أَيْضًا وَكَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى حَدِيثِ لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ يُعْطِي عَطِيَّةً أَوْ يَهَبُ هِبَةً فَيَرْجِعُ فِيهَا إِلَّا الْوَالِدَ فِيمَا يُعْطِي وَلَدَهُ أخرجه أَبُو دَاوُد وبن ماجة بِهَذَا اللَّفْظ من حَدِيث بن عَبَّاس وبن عُمَرَ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ الرَّابِعُ أَكْلُ

الصفحة 211