كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 5)

قَالَ لَهُ فِي الْأُولَى لَا أَشْهَدُ عَلَى جور وَجوز بن حِبَّانَ أَنْ يَكُونَ بَشِيرٌ ظَنَّ نَسْخَ الْحُكْمِ وَقَالَ غَيْرُهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ حَمَلَ الْأَمْرَ الْأَوَّلَ عَلَى كَرَاهَةِ التَّنْزِيهِ أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الِامْتِنَاعِ فِي الْحَدِيقَةِ الِامْتِنَاعُ فِي الْعَبْدِ لِأَنَّ ثَمَنَ الْحَدِيقَةِ فِي الْأَغْلَبِ أَكْثَرُ مِنْ ثَمَنِ الْعَبْدِ ثُمَّ ظَهَرَ لِي وَجْهٌ آخَرَ مِنَ الْجَمْعِ يَسْلَمُ مِنْ هَذَا الْخَدْشِ وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى جَوَابٍ وَهُوَ أَنَّ عَمْرَةَ لَمَّا امْتَنَعَتْ مِنْ تَرْبِيَتِهِ إِلَّا أَنْ يَهَبَ لَهُ شَيْئًا يَخُصُّهُ بِهِ وَهَبَهُ الْحَدِيقَةَ الْمَذْكُورَةَ تَطْيِيبًا لِخَاطِرِهَا ثُمَّ بَدَا لَهُ فَارْتَجَعَهَا لِأَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهَا مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُ فَعَاوَدَتْهُ عَمْرَةُ فِي ذَلِكَ فَمَطَلَهَا سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ ثُمَّ طَابَتْ نَفْسُهُ أَنْ يَهَبَ لَهُ بَدَلَ الْحَدِيقَةِ غُلَامًا وَرَضِيَتْ عَمْرَةُ بِذَلِكَ إِلَّا أَنَّهَا خَشِيَتْ أَنْ يَرْتَجِعَهُ أَيْضًا فَقَالَتْ لَهُ أَشْهِدْ عَلَى ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُرِيدُ بِذَلِكَ تَثْبِيتَ الْعَطِيَّةِ وَأَنْ تَأْمَنَ مِنْ رُجُوعِهِ فِيهَا وَيَكُونُ مَجِيئِهِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْإِشْهَادِ مَرَّةً وَاحِدَةً وَهِيَ الْأَخِيرَةُ وَغَايَةُ مَا فِيهِ أَنَّ بَعْضَ الرُّوَاةِ حَفِظَ مَا لَمْ يَحْفَظْ بَعْضٌ أَوْ كَانَ النُّعْمَانُ يَقُصُّ بَعْضَ الْقِصَّةِ تَارَةً وَيَقُصُّ بَعْضَهَا أُخْرَى فَسَمِعَ كُلٌّ مَا رَوَاهُ فَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَعَمْرَةُ الْمَذْكُورَةُ هِيَ بِنْتُ رَوَاحَةَ بْنِ ثَعْلَبَةَ الْخَزْرَجِيَّةُ أُخْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ الصَّحَابِيِّ الْمَشْهُورِ وَوَقَعَ عِنْدَ أَبِي عَوَانَةَ مِنْ طَرِيقِ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهَا بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ وَالصَّحِيحُ الأول وَبِذَلِك ذكرهَا بن سَعْدٍ وَغَيْرُهُ وَقَالُوا كَانَتْ مِمَّنْ بَايَعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ النِّسَاءِ وَفِيهَا يَقُولُ قَيْسُ بْنُ الْخَطِيمِ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَعَمْرَةُ مِنْ سَرَوَاتِ النِّسَاءِ تَنْفَحُ بِالْمِسْكِ أَرْدَانُهَا قَوْلُهُ إِنِّي نَحَلْتُ بِفَتْحِ النُّونِ وَالْمُهْمَلَةِ وَالنِّحْلَةُ بِكَسْرِ النُّونِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ الْعَطِيَّةُ بِغَيْرِ عِوَضٍ قَوْلُهُ فَقَالَ أَكُلَّ وَلَدِكَ نَحَلْتَ زَادَ فِي رِوَايَةِ أَبِي حَيَّانَ فَقَالَ أَلَكَ وَلَدٌ سِوَاهُ قَالَ نَعَمْ وَقَالَ مُسْلِمٌ لَمَّا رَوَاهُ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ أَمَّا يُونُسُ وَمَعْمَرٌ فَقَالَا أَكُلَّ بَنِيكَ وَأما اللَّيْث وبن عُيَيْنَةَ فَقَالَا أَكُلَّ وَلَدِكَ قُلْتُ وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ لَفْظَ الْوَلَدِ يَشْمَلُ مَا لَوْ كَانُوا ذُكُورًا أَوْ إِنَاثًا وَذُكُورًا وَأَمَّا لَفْظُ الْبَنِينَ فَإِنْ كَانُوا ذُكُورًا فَظَاهِرٌ وَإِنْ كَانُوا إِنَاثًا وَذُكُورًا فَعَلَى سَبِيلِ التَّغْلِيبِ وَلَمْ يَذْكُرِ بن سَعْدٍ لِبَشِيرٍ وَالِدِ النُّعْمَانِ وَلَدًا غَيْرَ النُّعْمَانِ وَذَكَرَ لَهُ بِنْتًا اسْمُهَا أُبَيَّةُ بِالْمُوَحَّدَةِ تَصْغِيرُ أبي قَوْلُهُ نَحَلْتَ مِثْلَهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي حَيَّانَ عِنْد مُسلم فَقَالَ أكلهم وهبت لَهُ مثل هَذَا قَالَ لَا وَلَهُ مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ فَقَالَ أَلَكَ بَنُونَ سِوَاهُ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَكُلَّهُمْ أَعْطَيْتَ مثل هَذَا قَالَ لَا وَفِي رِوَايَة بن الْقَاسِمِ فِي الْمُوَطَّآتِ لِلدَّارَقُطْنِيِّ عَنْ مَالِكٍ قَالَ لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَوْلُهُ قَالَ فَارْجِعْهُ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ عَن بن شِهَابٍ قَالَ فَارْدُدْهُ وَلَهُ وَلِلنَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ عُرْوَةَ مِثْلُهُ وَفِي رِوَايَةِ الشَّعْبِيِّ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ قَالَ فَرَجَعَ فَرَدَّ عَطِيَّتَهُ وَلِمُسْلِمٍ فَرَدَّ تِلْكَ الصَّدَقَةَ زَادَ فِي رِوَايَةِ أَبِي حَيَّانَ فِي الشَّهَادَاتِ قَالَ لَا تُشْهِدْنِي عَلَى جَوْرٍ وَمِثْلُهُ لِمُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ عَاصِمٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي حَرِيزٍ الْمَذْكُورَةِ لَا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ وَقَدْ عَلَّقَ مِنْهَا الْبُخَارِيُّ هَذَا الْقَدْرَ فِي الشَّهَادَاتِ وَمِثْلُهُ لِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ عَنِ الشَّعْبِيِّ وَلَهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي حَيَّانَ فَقَالَ فَلَا تُشْهِدْنِي إِذًا فَإِنِّي لَا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ وَلَهُ فِي رِوَايَةِ الْمُغِيرَةِ عَنِ الشَّعْبِيِّ فَإِنِّي لَا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ لِيَشْهَدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي وَلَهُ وَلِلنَّسَائِيِّ فِي رِوَايَةِ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ قَالَ فَأَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ فَلَيْسَ يَصْلُحُ هَذَا وَإِنِّي لَا أَشْهَدُ إِلَّا عَلَى حَقٍّ وَلِعَبْدِ الرَّزَّاقِ مِنْ طَرِيقِ طَاوُسٍ مُرْسَلًا لَا أَشْهَدُ إِلَّا عَلَى الْحَقِّ لَا أَشْهَدُ بِهَذِهِ وَفِي رِوَايَةِ عُرْوَةَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ فَكَرِهَ أَنْ يَشْهَدَ لَهُ وَفِي رِوَايَةِ الْمُغِيرَةِ عَنِ الشَّعْبِيِّ عِنْدَ مُسْلِمٍ اعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ فِي

الصفحة 213