كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 5)

دُونَ بَعْضٍ وَإِنْ وَجَبَتِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ فِي غَيْرِ ذَلِكَ وَفِيهِ أَنَّ لِلْإِمَامِ الْأَعْظَمِ أَنْ يَتَحَمَّلَ الشَّهَادَةَ وَتَظْهَرُ فَائِدَتُهَا إِمَّا لِيَحْكُمَ فِي ذَلِكَ بِعِلْمِهِ عِنْدَ مَنْ يُجِيزُهُ أَوْ يُؤَدِّيَهَا عِنْدَ بَعْضِ نُوَّابِهِ وَفِيهِ مَشْرُوعِيَّةُ اسْتِفْصَالُ الْحَاكِمِ وَالْمُفْتِي عَمَّا يَحْتَمِلُ الْاسْتِفْصَالَ لِقَوْلِهِ أَلَكَ وَلَدٌ غَيْرُهُ فَلَمَّا قَالَ نَعَمْ قَالَ أَفَكُلَّهُمْ أَعْطَيْتَ مِثْلَهُ فَلَمَّا قَالَ لَا قَالَ لَا أَشْهَدُ فَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ نَعَمْ لَشَهِدَ وَفِيهِ جَوَازُ تَسْمِيَةِ الْهِبَةِ صَدَقَةً وَأَنَّ لِلْإِمَامِ كَلَامًا فِي مَصْلَحَةِ الْوَلَدِ وَالْمُبَادَرَةُ إِلَى قَبُولِ الْحَقِّ وَأَمْرُ الْحَاكِمِ وَالْمُفْتِي بِتَقْوَى اللَّهِ فِي كُلِّ حَالٍ وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى سُوءِ عَاقِبَةِ الْحِرْصِ وَالتَّنَطُّعِ لِأَنَّ عَمْرَةَ لَوْ رَضِيَتْ بِمَا وَهَبَهُ زَوْجُهَا لِوَلَدِهِ لَمَا رَجَعَ فِيهِ فَلَمَّا اشْتَدَّ حِرْصُهَا فِي تَثْبِيتِ ذَلِكَ أَفْضَى إِلَى بُطْلَانِهِ وَقَالَ الْمُهَلَّبُ فِيهِ أَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَرُدَّ الْهِبَةَ وَالْوَصِيَّةَ مِمَّنْ يَعْرِفُ مِنْهُ هُرُوبًا عَن بعض الْوَرَثَة وَالله أعلم

(قَوْلُهُ بَابُ هِبَةِ الرَّجُلِ لِامْرَأَتِهِ وَالْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا)
أَيْ هَلْ يَجُوزُ لِأَحَدٍ مِنْهُمَا الرُّجُوعُ فِيهَا قَوْلُهُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ هُوَ النَّخَعِيُّ قَوْلُهُ جَائِزَةٌ أَيْ فَلَا رُجُوعَ فِيهَا وَهَذَا الْأَثَرُ وَصَلَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ إِذَا وَهَبَتْ لَهُ أَوْ وَهَبَ لَهَا فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَطِيَّتُهُ وَوَصَلَهُ الطَّحَاوِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عَوَانَةَ عَنْ مَنْصُورٍ قَالَ قَالَ إِبْرَاهِيمُ إِذَا وَهَبَتِ الْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا أَوْ وَهَبَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ فَالْهِبَةُ جَائِزَةٌ وَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَرْجِعَ فِي هِبَتِهِ وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي حَنِيفَةَ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الزَّوْجُ وَالْمَرْأَةُ بِمَنْزِلَةِ ذِي الرَّحِمِ إِذَا وَهَبَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ قَوْلُهُ وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَا يَرْجِعَانِ وَصَلَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَيْضًا عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ عبد

الصفحة 216