كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 5)

عَنِ الْهِلَالِيَّةِ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ مَيْمُونَةُ فِي أَصْلِ هَذِهِ الْحَادِثَةِ أَنَّهَا كَانَتْ سَأَلَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَادِمًا فَأَعْطَاهَا خَادِمًا فَأَعْتَقَتْهَا قَوْلُهُ أَمَا بِتَخْفِيفِ الْمِيمِ إِنَّكِ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ لَوْ أَعْطَيْتِهَا أَخْوَالَكِ أَخْوَالُهَا كَانُوا مِنْ بَنِي هِلَالٍ أَيْضًا وَاسْمُ أُمِّهَا هِنْدُ بِنْتُ عَوْفِ بْنِ زُهَيْرِ بن الْحَارِث ذكرهَا بن سَعْدٍ قَوْلُهُ لَوْ أَعْطَيْتِهَا أَخْوَالَكِ كَانَ أَعْظَمَ لأجرك قَالَ بن بَطَّالٍ فِيهِ أَنَّ هِبَةَ ذِي الرَّحِمِ أَفْضَلُ مِنَ الْعِتْقِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَأحمد وَصَححهُ بن خُزَيْمَة وبن حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ سَلْمَانَ بْنِ عَامِرٍ الضَّبِّيِّ مَرْفُوعًا الصَّدَقَةُ عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ وَعَلَى ذِي الرَّحِمِ صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ لَكِنْ لَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ هِبَةُ ذِي الرَّحِمِ أَفْضَلَ مُطْلَقًا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمِسْكِينُ مُحْتَاجًا وَنَفْعُهُ بِذَلِكَ مُتَعَدِّيًا وَالْآخَرُ بِالْعَكْسِ وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ الْمَذْكُورَةِ فَقَالَ أَفَلَا فَدَيْتِ بِهَا بِنْتَ أَخِيكِ مِنْ رِعَايَةِ الْغَنَمِ فَبَيَّنَ الْوَجْهَ فِي الْأَوْلَوِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَهُوَ احْتِيَاجُ قَرَابَتِهَا إِلَى مَنْ يَخْدُمُهَا وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ أَيْضًا حُجَّةٌ عَلَى أَنَّ صِلَةَ الرَّحِمِ أَفْضَلُ مِنَ الْعِتْقِ لِأَنَّهَا وَاقِعَةُ عَيْنٍ وَالْحَقُّ أَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ كَمَا قَرَّرْتُهُ وَوَجْهُ دُخُولِ حَدِيثِ مَيْمُونَةَ فِي التَّرْجَمَةِ أَنَّهَا كَانَتْ رَشِيدَةً وَأَنَّهَا أَعْتَقَتْ قَبْلَ أَنْ تَسْتَأْمِرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَسْتَدْرِكْ ذَلِكَ عَلَيْهَا بَلْ أَرْشَدَهَا إِلَى مَا هُوَ الْأَوْلَى فَلَوْ كَانَ لَا يَنْفُذُ لَهَا تَصَرُّفٌ فِي مَالِهَا لَأَبْطَلَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ الثَّالِثُ حَدِيثُ عَائِشَةَ وَصَدْرُهُ طَرَفٌ مِنْ قِصَّةِ الْإِفْكِ وَسَيَأْتِي شَرْحُهَا مُسْتَوْفًى فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ النُّورِ وَقَوْلُهُ وَكَانَ يَقْسِمُ لِكُلِّ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ غَيْرَ سَوْدَةَ إِلَخْ حَدِيثٌ مُسْتَقِلٌّ وَقَدْ تَرْجَمَ لَهُ فِي النِّكَاحِ وَأَوْرَدَهُ مُفْرَدًا وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى هُنَاكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَدْ تَبَيَّنَ تَوْجِيهُهُ هُنَاكَ فِي شرح الْبَاب الَّذِي قبله قَالَ بن بَطَّالٍ لَيْسَ فِي أَحَادِيثِ الْبَابِ مَا يَرِدُ عَلَى مَالِكٍ لِأَنَّهُ يَحْمِلُهَا عَلَى مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ انْتَهَى وَهُوَ حَمْلٌ سَائِغٌ إِنْ ثَبَتَ الْمُدَّعَى وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهَا تَصَرُّفٌ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ إِلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأَدِلَّةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ وَقَالَ بَكْرٌ هُوَ بن مُضر عَن عَمْرو هُوَ بن الْحَارِث عَن بكير هُوَ بن الْأَشَجِّ عَنْ كُرَيْبٍ أَنَّ مَيْمُونَةَ أَعْتَقَتْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي عَتَقَتْهُ وَهُوَ غَلَطٌ فَاحِشٌ فَقَدْ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَقَالَ فِيهِ أَعْتَقَتْ وَلِيدَةً لَهَا وَأَرَادَ الْمُصَنِّفُ بِهَذَا التَّعْلِيقِ شَيْئَيْنِ أَحَدُهُمَا مُوَافَقَةُ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ لِيَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَلَى قَوْلِهِ عَنْ كُرَيْبٍ وَقَدْ خَالَفَهُمَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فَرَوَاهُ عَنْ بُكَيْرٍ فَقَالَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ بَدَلَ بُكَيْرٍ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ من طَرِيقه وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَرِوَايَةُ يَزِيدَ وَعَمْرٍو أَصَحُّ ثَانِيهِمَا أَنَّهُ عِنْدَ بَكْرِ بْنِ مُضَرَ عَنْ عَمْرٍو بِصُورَةِ الْإِرْسَالِ قَالَ فِيهِ عَنْ كُرَيْبٍ أَنَّ مَيْمُونَةَ أَعْتَقَتْ فَذَكَرَ قِصَّةً مَا أَدْرَكَهَا لَكِنْ قَدْ رَوَاهُ بن وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ فَقَالَ فِيهِ عَنْ كُرَيْبٍ عَنْ مَيْمُونَةَ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ وَطَرِيقُ بَكْرِ بْنِ مُضَرَ الْمُعَلَّقَةُ وَصَلَهَا الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ بِرِّ الْوَالِدَيْنِ لَهُ وَهُوَ مُفْرَدٌ وَسَمِعْنَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ دَلَّوَيْهِ عَنْهُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ هُوَ كَاتِبُ اللَّيْثِ عَنْ بَكْرِ بن مُضر عَنهُ

الصفحة 219