كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 5)

(

قَوْله بَاب كَيفَ يقبض العَبْد وَالْمَتَاع)
أَي الْمَوْهُوب قَالَ بن بَطَّالٍ كَيْفِيَّةُ الْقَبْضِ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ بِإِسْلَامِ الْوَاهِبِ لَهَا إِلَى الْمَوْهُوبِ وَحِيَازَةِ الْمَوْهُوبِ لِذَلِكَ قَالَ وَاخْتَلَفُوا هَلْ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ الْهِبَةِ الْحِيَازَةُ أَمْ لَا فَحُكِيَ الْخِلَافُ وَتَحْرِيرُهُ قَوْلُ الْجُمْهُورِ إِنَّهَا لَا تَتِمُّ إِلَّا بِالْقَبْضِ وَعَنِ الْقَدِيمِ وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ تَصِحُّ بِنَفْسِ الْعَقْدِ وَإِنْ لَمْ تُقْبَضْ وَعَنْ أَحْمَدَ تَصِحُّ بِدُونِ الْقَبْضِ فِي الْعَيْنِ الْمُعَيَّنَةِ دُونَ الشَّائِعَةِ وَعَنْ مَالِكٍ كَالْقَدِيمِ لَكِنْ قَالَ إِنْ مَاتَ الْوَاهِبُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَزَادَتْ عَلَى الثُّلُثِ افْتَقَرَ إِلَى إِجَازَةِ الْوَارِثِ ثُمَّ إِنَّ التَّرْجَمَةَ فِي الْكَيْفِيَّةِ لَا فِي أَصْلِ الْقَبْضِ وَكَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ يُشْتَرَطُ فِي الْهِبَةِ حَقِيقَةُ الْقَبْضِ دُونَ التَّخْلِيَةِ وَسَأُشِيرُ إِلَيْهِ بَعْدَ ثَلَاثَة أَبْوَاب قَوْله وَقَالَ بن عُمَرَ كُنْتُ عَلَى بَكْرٍ صَعْبٍ الْحَدِيثَ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَشَرْحُهُ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ حَدِيثَ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ فِي قِصَّةِ أَبِيهِ فِي الْقَبَاءِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي كِتَابِ اللِّبَاسِ وَقَوْلُهُ

[2599] فَقَالَ خَبَّأْنَا هَذَا لَكَ قَالَ فَنَظَرَ إِلَيْهِ فَقَالَ رَضِيَ مَخْرَمَةُ قَالَ الدَّاوُدِيُّ هُوَ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِفْهَامِ أَيْ هَلْ رضيت وَقَالَ بن التِّينِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ قَوْلِ مَخْرَمَةَ قلت وَهُوَ الْمُتَبَادر للذهن

(قَوْلُهُ بَابُ إِذَا وَهَبَ هِبَةً فَقَبَضَهَا الْآخَرُ وَلَمْ يَقُلْ قَبِلْتُ)
أَيْ جَازَتْ وَنَقَلَ فِيهِ بن بَطَّالٍ اتِّفَاقَ الْعُلَمَاءِ وَأَنَّ الْقَبْضَ فِي الْهِبَةِ هُوَ غَايَةُ الْقَبُولِ وَغَفَلَ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ فَإِنَّ الشَّافِعِيَّةَ يَشْتَرِطُونَ الْقَبُولَ فِي الْهِبَةِ دُونَ الْهَدِيَّةِ إِلَّا إِنْ كَانَتِ الْهِبَةُ ضِمْنِيَّةً كَمَا لَوْ قَالَ أَعْتِقْ عَبْدَكَ عَنِّي فَعَتَقَهُ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِي مِلْكِهِ هِبَةً وَيُعْتَقُ عَنْهُ وَلَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ وَمُقَابِلُ إِطْلَاقِ بن بَطَّالٍ قَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ لَا يُعْتَبَرُ الْقَبُولُ فِي الْهِبَةِ كَالْعِتْقِ قَالَ وَهُوَ قَوْلٌ شَذَّ بِهِ عَنِ الْجَمَاعَةِ وَخَالَفَ فِيهِ الْكَافَّةَ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ الْهَدِيَّةَ فَيُحْتَمَلُ اه عَلَى أَنَّ فِي اشْتِرَاطِ الْقَبُولِ فِي الْهَدِيَّةِ وَجها عِنْد الشَّافِعِيَّة ثمَّ أوردهُ فِيهِ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي قِصَّةِ الْمُجَامِعِ فِي رَمَضَانَ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي الصِّيَامِ وَالْغَرَضُ مِنْهُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَى الرَّجُلَ التَّمْرَ فَقَبَضَهُ وَلَمْ يَقُلْ قَبِلْتُ ثُمَّ قَالَ لَهُ اذْهَبْ فَأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ وَلِمَنِ اشْتَرَطَ الْقَبُولَ أَنْ يُجِيبَ عَنْ هَذَا بِأَنَّهَا وَاقِعَةُ عَيْنٍ فَلَا حُجَّةَ فِيهَا وَلَمْ يُصَرِّحْ فِيهَا بِذِكْرِ الْقَبُولِ وَلَا بِنَفْيِهِ وَقَدِ اعْتَرَضَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ هِبَةً بَلْ لَعَلَّهُ كَانَ مِنَ الصَّدَقَةِ فَيَكُونُ قَاسِمًا لَا وَاهِبًا اه وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الصَّوْمِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنَ الصَّدَقَةِ وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ يَجْنَحُ إِلَى أَنَّهُ لَا فرق فِي ذَلِك

الصفحة 223