كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 5)

(قَوْلُهُ بَابُ هِبَةِ الْوَاحِدِ لِلْجَمَاعَةِ)
أَيْ يَجُوزُ وَلَو كَانَ شَيْئا مشَاعا قَالَ بن بَطَّالٍ غَرَضُ الْمُصَنِّفِ إِثْبَاتُ هِبَةِ الْمُشَاعِ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ كَذَا أُطْلِقَ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى إِطْلَاقِهِ وَإِنَّمَا يُفَرَّقُ فِي هِبَةِ الْمُشَاعِ بَيْنَ مَا يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ وَمَا لَا يَقْبَلُهَا وَالْعِبْرَةُ بِذَلِكَ وَقْتَ الْقَبْضِ لَا وَقْتَ الْعَقْدِ قَوْلُهُ وَقَالَتْ أَسْمَاءُ هِيَ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ هُوَ بن أبي بكر وَهُوَ بن أَخِيهَا وبن أَبِي عَتِيقٍ هُوَ أَبُو بَكْرٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ وَهُوَ بن بن أخي أَسمَاء تَنْبِيه ذكر بن التِّينِ أَنَّهُ وَقَعَ عِنْدَهُ فِي رِوَايَةِ الْقَابِسِيِّ إِسْقَاط الْوَاو من قَوْله وبن أَبِي عَتِيقٍ فَصَارَ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ وَهُوَ غَلَطٌ وَمَعَ كَوْنِهِ غَلَطًا فَإِنَّهُ يَصِيرُ غَيْرَ مُنَاسِبٍ لِلتَّرْجَمَةِ قَوْلُهُ وَرِثْتُ عَنْ أُخْتِي عَائِشَةَ لَمَّا مَاتَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَرِثَهَا أُخْتَاهَا أَسْمَاءُ وَأُمُّ كُلْثُومٍ وَأَوْلَادُ أَخِيهَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَلَمْ يَرِثْهَا أَوْلَادُ مُحَمَّدٍ أَخِيهَا لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ شَقِيقَهَا وَكَأَنَّ أَسْمَاءَ أَرَادَتْ جَبْرَ خَاطِرِ الْقَاسِمِ بِذَلِكَ وَأَشْرَكَتْ مَعَهُ عَبْدَ اللَّهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَارِثًا لِوُجُودِ أَبِيهِ ثُمَّ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ حَدِيثَ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فِي قِصَّةِ شُرْبِ الْأَيْمَنِ فَالْأَيْمَنِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْمَظَالِمِ وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى فِي الْأَشْرِبَةِ وَقَدِ اعْتَرَضَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي حَدِيثِ سَهْلٍ مَا تَرْجَمَ بِهِ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ طَرِيقِ الْإِرْفَاقِ وَأَطَالَ فِي ذَلِك وَالْحق كَمَا قَالَ بن بَطَّالٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَ الْغُلَامَ أَنْ يَهَبَ نَصِيبَهُ لِلْأَشْيَاخِ وَكَانَ نَصِيبُهُ مِنْهُ مُشَاعًا غَيْرَ مُتَمَيَّزٍ فَدَلَّ عَلَى صِحَّةِ هبة الْمشَاع وَالله أعلم

الصفحة 225