كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 5)

(قَوْلُهُ بَابُ الْهِبَةِ الْمَقْبُوضَةِ وَغَيْرِ الْمَقْبُوضَةِ وَالْمَقْسُومَةِ وَغَيْرِ الْمَقْسُومَةِ)
أَمَّا الْمَقْبُوضَةُ فَتَقَدَّمَ حُكْمُهَا وَأَمَّا غَيْرُ الْمَقْبُوضَةِ فَالْمُرَادُ الْقَبْضُ الْحَقِيقِيُّ وَأَمَّا الْقَبْضُ التَّقْدِيرِيُّ فَلَا بُدَّ مِنْهُ لِأَنَّ الَّذِي ذَكَرَهُ مِنْ هِبَةِ الْغَانِمِينَ لِوَفْدِ هَوَازِنَ مَا غَنِمُوا قَبْلَ أَنْ يُقَسَّمَ فِيهِمْ وَيَقْبِضُوهُ فَلَا حُجَّةَ فِيهِ عَلَى صِحَّةِ الْهِبَةِ بِغَيْرِ قَبْضٍ لِأَنَّ قبضهم إِيَّاه وَقع تقديريا بِاعْتِبَارِ حِيَازَتِهِمْ لَهُ عَلَى الشُّيُوعِ نَعَمْ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ يُشْتَرَطُ فِي الْهِبَةِ وُقُوعُ الْقَبْضِ الْحَقِيقِيِّ وَلَا يَكْفِي الْقَبْضُ التَّقْدِيرِيُّ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَهُوَ وَجْهٌ لِلشَّافِعِيَّةِ وَأَمَّا الْهِبَةُ الْمَقْسُومَةُ فَحُكْمُهَا وَاضِحٌ وَأَمَّا غَيْرُ الْمَقْسُومَةِ فَهُوَ الْمَقْصُودُ بِهَذِهِ التَّرْجَمَةِ وَهِيَ مَسْأَلَةُ هِبَةِ الْمُشَاعِ وَالْجُمْهُورُ عَلَى صِحَّةِ هِبَةِ الْمُشَاعِ لِلشَّرِيكِ وَغَيْرِهِ سَوَاءٌ انْقَسَمَ أَولا وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَصِحُّ هِبَةُ جُزْءٍ مِمَّا يَنْقَسِمُ مُشَاعًا لَا مِنَ الشَّرِيكِ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ قَوْلُهُ وَقَدْ وَهَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ لِهَوَازِنَ مَا غَنِمُوا مِنْهُمْ وَهُوَ غَيْرُ مَقْسُومٍ سَيَأْتِي مَوْصُولًا فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ بِأَتَمَّ مِنْ هَذَا وَقَوْلُهُ وَهُوَ غَيْرُ مَقْسُومٍ مَنْ تَفَقُّهِ الْمُصَنِّفِ قَوْلُهُ حَدثنِي ثَابت هُوَ بن مُحَمَّدٍ الْعَابِدُ وَثَبَتَ كَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي عَلِيٍّ بْنِ السَّكَنِ كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَبِهِ جَزَمَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي زَيْدٍ الْمَرْوَزِيِّ وَقَالَ ثَابِتٌ ذَكَرَهُ بِصُورَةِ التَّعْلِيقِ وَهُوَ مَوْصُولٌ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ وَغَيْرِهِ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي أَحْمَدَ الْجُرْجَانِيِّ قَالَ الْبُخَارِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا ثَابِتٌ فَزَادَ فِي الْإِسْنَادِ مُحَمَّدًا وَلَمْ يُتَابَعْ عَلَى ذَلِكَ وَالَّذِي أَظُنُّهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِمُحَمَّدٍ هُوَ الْبُخَارِيُّ الْمُصَنِّفُ وَيَقَعُ ذَلِكَ كَثِيرًا فَلَعَلَّ الْجُرْجَانِيَّ ظَنَّهُ غَيْرَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى حَدِيثِ جَابِرٍ فِي الشُّرُوطِ ثُمَّ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ حَدِيثَ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ الْمَذْكُورَ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ وَقَدْ قَدَّمْتُ تَوْجِيهَهُ ثُمَّ أَوْرَدَ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الَّذِي كَانَ لَهُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَيْنٌ فَقَالَ اشْتَرُوا لَهُ سِنًّا وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي الِاسْتِقْرَاضِ وَتَوْجِيهُهُ ظَاهِرٌ أَيْضًا وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ شَيْخُ الْمُصَنِّفِ فِيهِ هُوَ الْمَعْرُوف بعبدان

الصفحة 226