كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 5)

(قَوْلُهُ بَابُ هَدِيَّةِ مَا يُكْرَهُ لُبْسُهَا)
كَذَا للْأَكْثَر وَمَا يَصْلُحُ لِلْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ فَأَنَّثَ هُنَا بِاعْتِبَارِ الْحُلَّةِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ مَا يُكْرَهُ لُبْسُهُ وَبِه ترْجم الْإِسْمَاعِيلِيّ وبن بَطَّالٍ وَالْمُرَادُ بِالْكَرَاهَةِ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنَ التَّحْرِيمِ وَالتَّنْزِيهِ وَهَدِيَّةُ مَا لَا يَجُوزُ لُبْسُهُ جَائِزَةٌ فَإِنَّ لِصَاحِبِهِ التَّصَرُّفَ فِيهِ بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ لِمَنْ يَجُوزُ لِبَاسُهُ كَالنِّسَاءِ وَيُسْتَفَادُ مِنَ التَّرْجَمَةِ الْإِشَارَةُ إِلَى مَنْعِ مَا لَا يُسْتَعْمَلُ أَصْلًا لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ كَآنِيَةِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ ثُمَّ أَوْرَدَ الْمُصَّنِفُ فِيهِ ثَلَاثَةَ أَحَادِيثَ أَحدهَا حَدِيث بن عُمَرَ فِي حُلَّةِ عُطَارِدَ وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ فِي كِتَابِ اللِّبَاسِ وَمُنَاسَبَتُهُ لِلتَّرْجَمَةِ ظَاهِرَةٌ ثَانِيهَا حَدِيثُ بن عُمَرَ فِي قِصَّةِ فَاطِمَةَ

[2613] قَوْلُهُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ أَبُو جَعْفَرٍ جَزَمَ الْكَلَابَاذِيُّ بِأَنَّهُ الْفَيْدِيُّ نِسْبَةً إِلَى فَيْدٍ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ بَلَدٌ بَيْنَ بَغْدَادَ وَمَكَّةَ فِي نِصْفِ الطَّرِيقِ سَوَاءً وَكَانَ نَزَلَهَا فَنُسِبَ إِلَيْهَا وَيَحْتَمِلُ عِنْدِي أَنْ يَكُونَ هُوَ أَبُو جَعْفَرٍ الْقُومِسِيُّ الْحَافِظُ الْمَشْهُورُ فَقَدْ أَخْرَجَ عَنْهُ الْبُخَارِيُّ حَدِيثًا غَيْرَ هَذَا فِي الْمَغَازِي وَإِنَّمَا جَوَّزْتُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمَشْهُورَ فِي كُنْيَةِ الْفَيْدِيِّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بِخِلَافِ الْقُومِسِيِّ فَكُنْيَتُهُ أَبُو جَعْفَرٍ بِلَا خلاف قَوْله حَدثنَا بن فُضَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ الْكُوفِيُّ وَلَيْسَ لِفُضَيْلٍ عَنْ نَافِعٍ عَن بن عُمَرَ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ قَوْلُهُ أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْتَ فَاطِمَة فَلم يدْخل عَلَيْهَا زَاد فِي روايةابن نُمَيْرٍ عَنْ فُضَيْلٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَالْإِسْمَاعِيلِيِّ وبن حِبَّانَ قَالَ وَقَلَّمَا كَانَ يَدْخُلُ إِلَّا بَدَأَ بِهَا قَوْلُهُ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ زَادَ فِي رِوَايَة بن نُمَيْرٍ فَجَاءَ عَلِيٌّ فَرَآهَا مُهْتَمَّةً قَوْلُهُ فَذَكَرَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رِوَايَةِ الْأصيلِيّ فَذكره وَفِي رِوَايَة بن نُمَيْرٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ فَاطِمَةَ اشْتَدَّ عَلَيْهَا أَنَّكَ جِئْتَ فَلَمْ تَدْخُلْ عَلَيْهَا قَوْلُهُ سِتْرًا مُوشِيًّا بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْوَاوِ بعْدهَا مُعْجمَة ثمَّ تَحْتَانِيَّة قَالَ بن التِّين أَصله موشيا فَالْتَقَى حَرْفَا عِلَّةٍ وَسُبِقَ الْأَوَّلُ بِالسُّكُونِ فَقُلِبَتِ الْوَاوُ يَاءً وَأُدْغِمَتْ فِي الْأُخْرَى وَكُسِرَتِ الْأُولَى لِأَجْلِ الَّتِي بَعْدَهَا فَصَارَ عَلَى وَزْنِ مَرْضِيٍّ وَمَطْلِيٍّ وَيَجُوزُ فِيهِ مُوشًى بِوَزْنِ مُوسَى وَقَالَ الْمُطَرِّزِيُّ الْوَشْيُ خَلْطُ لَوْنٍ بِلَوْنٍ وَمِنْهُ وَشَى الثَّوْب إِذا رقمه ونقشه وَقَالَ بن الْجَوْزِيّ الْمُوشى المخطط بألوان شَتَّى قَوْله مَالِي وللدنيا زَاد بن نمير مَالِي وللمرقم أَيِ الْمَرْقُومِ وَالرَّقْمُ النَّقْشُ قَوْلُهُ قَالَ تُرْسِلِي بِهِ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ تُرْسِلِي بِحَذْفِ النُّونِ وَهِيَ لُغَةٌ أَوْ يُقَدَّرُ أَنْ فَحُذِفَتْ لِدَلَالَةِ السِّيَاقِ وَفِي رِوَايَةٍ لِلْأَكْثَرِ تُرْسِلُ بِضَمِّ اللَّامِ بِغَيْرِ يَاءٍ قَوْلُهُ أَهْلِ بَيْتٍ بِهِمْ حَاجَةٌ بِجَرِّ أَهْلٍ عَلَى الْبَدَلِ وَلَمْ أَعْرِفْهُمْ بَعْدُ وَفِي الْحَدِيثِ كَرَاهَةُ دُخُولِ الْبَيْتِ الَّذِي فِيهِ مَا يكره وَأورد بن حِبَّانَ عَقِبَ هَذَا الْحَدِيثِ حَدِيثَ سَفِينَةَ فَقَالَ لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْخُلُ بَيْتًا مُزَوَّقًا وَتَرْجَمَ عَلَيْهِ الْبَيَانَ بِأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِ فَاطِمَةَ دُونَ غَيْرِهَا وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ إِلَّا إِنْ حَمْلَنَا التَّزْوِيقَ عَلَى مَا هُوَ أَعَمُّ مِمَّا يُصْنَعُ فِي نَفْسِ الْجِدَارِ أَوْ يُعَلَّقُ عَلَيْهِ قَالَ الْمُهَلَّبُ وَغَيْرُهُ كَرِهَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِابْنَتِهِ مَا كَرِهَ لِنَفْسِهِ مِنْ تَعْجِيلِ الطَّيِّبَاتِ فِي الدُّنْيَا لَا أَنَّ سَتْرَ الْبَابِ حَرَامٌ وَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِهِ لَهَا لَمَّا سَأَلَتْهُ خَادِمًا أَلَا أَدُلُّكِ عَلَى خَيْرٍ مِنْ ذَلِكَ فَعَلَّمَهَا الذِّكْرَ عِنْدَ النَّوْمِ ثَالِثُهَا حَدِيثُ عَلِيٍّ فِي الْحُلَّةِ وَفِيهِ

[2614] قَوْلُهُ فَشَقَقْتُهَا بَيْنَ نِسَائِي وَسَيَأْتِي شَرحه فِي كتاب اللبَاس ومناسبته ظَاهِرَة من قَوْلِهِ فَرَأَيْتُ الْغَضَبَ فِي وَجْهِهِ فَإِنَّهُ دَالٌّ عَلَى أَنَّهُ كَرِهَ لَهُ لُبْسَهَا مَعَ كَوْنِهِ أهداها لَهُ

الصفحة 229