كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 5)

فِي صُورَةِ الشِّرَاءِ عَلَى التَّنْزِيهِ وَحَمَلَهُ قَوْمٌ عَلَى التَّحْرِيمِ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ الظَّاهِرُ ثُمَّ الزَّجْرُ الْمَذْكُورُ مَخْصُوصٌ بِالصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ وَمَا أَشْبَهَهَا لَا مَا إِذَا رَدَّهُ إِلَيْهِ الْمِيرَاثُ مَثَلًا قَالَ الطَّبَرِيُّ يُخَصُّ مِنْ عُمُومِ هَذَا الْحَدِيثِ مَنْ وَهَبَ بِشَرْطِ الثَّوَابِ وَمَنْ كَانَ وَالِدًا وَالْمَوْهُوبُ وَلَدُهُ وَالْهِبَةُ الَّتِي لَمْ تُقْبَضْ وَالَّتِي رَدَّهَا الْمِيرَاثُ إِلَى الْوَاهِبِ لِثُبُوتِ الْأَخْبَارِ بِاسْتِثْنَاءِ كُلِّ ذَلِكَ وَأَمَّا مَا عَدَا ذَلِكَ كَالْغَنِيِّ يُثِيبُ الْفَقِيرَ وَنَحْوِ مَنْ يَصِلُ رَحِمَهُ فَلَا رُجُوعَ لِهَؤُلَاءِ قَالَ وَمِمَّا لَا رُجُوعَ فِيهِ مُطْلَقًا الصَّدَقَةُ يُرَادُ بِهَا ثَوَابَ الْآخِرَةِ وَقَدِ اسْتَشْكَلَ ذِكْرُ عُمَرَ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ إِذَاعَةِ عَمَلِ الْبِرِّ وَكِتْمَانُهُ أَرْجَحُ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ تَعَارَضَ عِنْدَهُ الْمَصْلَحَتَانِ الْكِتْمَانُ وَتَبْلِيغُ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ فَرَجَّحَ الثَّانِيَ فَعَمِلَ بِهِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ كَانَ يُمكنهُ أَنْ يَقُولَ حَمَلَ رَجُلٌ عَلَى فَرَسٍ مَثَلًا وَلَا يَقُولُ حَمَلْتُ فَيَجْمَعُ بَيْنَ الْمَصْلَحَتَيْنِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَحَلَّ رُجْحَانِ الْكِتْمَانِ إِنَّمَا هُوَ قَبْلَ الْفِعْلِ وَعِنْدَهُ وَأَمَّا بَعْدَ وُقُوعِهِ فَلَعَلَّ الَّذِي أُعْطِيَهُ أَذَاعَ ذَلِكَ فَانْتَفَى الْكِتْمَانُ وَيُضَافُ إِلَيْهِ أَنَّ فِي إِضَافَتِهِ ذَلِكَ إِلَى نَفْسِهِ تَأْكِيدًا لِصِحَّةِ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ لِأَنَّ الَّذِي تَقَعُ لَهُ الْقِصَّةُ أَجْدَرُ بِضَبْطِهَا مِمَّنْ لَيْسَ عِنْدَهُ إِلَّا وُقُوعُهَا بِحُضُورِهِ فَلَمَّا أَمِنَ مَا يَخْشَى مِنَ الْإِعْلَانِ بِالْقَصْدِ صَرَّحَ بِإِضَافَةِ الْحُكْمِ إِلَى نَفْسِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ تَرْجِيحِ الْكِتْمَانِ لِمَنْ يَخْشَى عَلَى نَفْسِهِ مِنَ الْإِعْلَانِ الْعُجْبَ وَالرِّيَاءَ أَمَّا مَنْ أَمِنَ مِنْ ذَلِكَ كَعُمَرَ فَلَا

(قَوْلُهُ بَابٌ كَذَا)
لِلْجَمِيعِ بِغَيْرِ تَرْجَمَةٍ وَهُوَ كَالْفَصْلِ مِنَ الْبَابِ الَّذِي قَبِلَهُ وَمُنَاسَبَتُهُ لَهَا أَنَّ الصَّحَابَةَ بَعْدَ ثُبُوتِ عَطِيَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ لِصُهَيْبٍ لَمْ يَسْتَفْصِلُوا هَلْ رَجَعَ أَمْ لَا فَدَلَّ عَلَى أَنْ لَا أَثَرَ لِلرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ

[2624] قَوْلُهُ أَنَّ بني صُهَيْب هُوَ بن سِنَانٍ الرُّومِيُّ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَصْلُهُ فِي الْعَرَبِ فِي بَابِ شِرَاءِ الْمَمْلُوكِ مِنَ الْحَرْبِيِّ مِنْ كِتَابِ الْبُيُوعِ وَقَوْلُهُ مَوْلَى بَنِي جُدْعَانَ كَذَا فِي رِوَايَة الْكشميهني وللباقين مولى بن جُدْعَانَ وَهِيَ رِوَايَةُ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُوسَى شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ وبن جُدْعَانَ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جُدْعَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ وَأَمَّا صُهَيْبٌ فَكَانَ لَهُ مِنَ الْوَلَدِ مِمَّنْ رَوَى عَنْهُ حَمْزَةُ وَسَعْدٌ وَصَالِحٌ وَصَيْفِيٌّ وَعَبَّادٌ وَعُثْمَانُ وَمُحَمَّدٌ وَحَبِيبٌ قَوْلُهُ فَقَالَ مَرْوَان هُوَ بن الْحَكَمِ حَيْثُ كَانَ أَمِيرَ الْمَدِينَةِ لِمُعَاوِيَةَ وَكَانَ مَوْتُ صُهَيْبٍ بِالْمَدِينَةِ فِي أَوَاخِرِ خِلَافَةِ عَلِيٍّ قَوْلُهُ مَنْ يَشْهَدُ لَكُمَا كَذَا فِيهِ بِالتَّثْنِيَةِ وَبَقِيَّةُ الْقِصَّةِ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّ الْمُتَوَلِّيَ لِلدَّعْوَى بِذَلِكَ مِنْهُمْ كَانَا اثْنَيْنِ وَرَضِيَ الْبَاقُونَ بِذَلِكَ فَنُسِبَ إِلَيْهِمْ تَارَةً بِصِيغَةِ الْجَمْعِ وَتَارَةً بِصِيغَةِ التَّثْنِيَةِ عَلَى أَنَّ فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ فَقَالَ مَرْوَانُ مَنْ يَشْهَدُ لَكُمْ وَلَا إِشْكَال فِيهِ وَأجَاب الْكَرْمَانِيُّ بِأَنَّ أَقَلَّ الْجَمْعِ اثْنَانِ عِنْدَ بَعْضِهِمْ قَوْلُهُ لَأَعْطَى بِفَتْحِ اللَّامِ هِيَ لَامُ الْقَسَمِ كَأَنَّهُ أَعْطَى الشَّهَادَةَ حُكْمَ الْقَسَمِ أَوْ فِيهِ قَسَمٌ مُقَدَّرٌ أَوْ عَبَّرَ عَنِ الْخَبَرِ بِالشَّهَادَةِ وَالْخَبَرُ يُؤَكَّدُ بِالْقَسَمِ كَثِيرًا وَإِنْ كَانَ السَّامِعُ غَيْرَ مُنْكِرٍ وَيُؤَيِّدُ كَوْنَهُ خَبَرًا أَنَّ مَرْوَانَ قضى لَهُم بِشَهَادَة بن عمر

الصفحة 237