كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 5)

الْمَنْفَعَةِ وَعَنْهُمْ أَنَّهَا بَاطِلَةٌ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَعَمَرْتُهُ الدَّارَ فَهِيَ عُمْرَى جَعَلْتُهَا لَهُ أَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى أَصْلِهَا وَأَطْلَقَ الْجُعْلَ لِأَنَّهُ يَرَى أَنَّهَا تَصِيرُ مِلْكَ الْمَوْهُوبِ لَهُ كَقَوْلِ الْجُمْهُورِ وَلَا يَرَى أَنَّهَا عَارِيَّةٌ كَمَا سَيَأْتِي تَصْرِيحُهُ بِذَلِكَ فِي آخِرِ أَبْوَابِ الْهِبَةِ وَقَوْلُهُ اسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا جَعَلَكُمْ عُمَّارًا هُوَ تَفْسِيرُ أَبِي عُبَيْدَةَ فِي الْمَجَازِ وَعَلَيْهِ يُعْتَمَدُ كَثِيرًا وَقَالَ غَيْرُهُ اسْتَعْمَرَكُمْ أَطَالَ أَعْمَارَكُمْ وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَذِنَ لَكُمْ فِي عِمَارَتِهَا وَاسْتِخْرَاجِ قُوتِكُمْ مِنْهَا

[2625] قَوْلُهُ عَنْ يَحْيَى هُوَ بن أَبِي كَثِيرٍ قَوْلُهُ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ جَابِرٍ فِي رِوَايَةِ هِشَامٍ عَنْ يَحْيَى حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أخرجه مُسلم وَأَبُو سَلمَة هُوَ بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَوْلُهُ قَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعُمْرَى أَنَّهَا لِمَنْ وُهِبَتْ لَهُ هُوَ بِفَتْحِ أَنَّهَا أَيْ قَضَى بِأَنَّهَا وَفِي رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَيُّمَا رَجُلٍ أُعْمِرَ عُمْرَى لَهُ وَلِعَقِبِهِ فَإِنَّهَا لِلَّذِي أُعْطِيَهَا لَا تَرْجِعُ إِلَى الَّذِي أَعْطَاهَا لِأَنَّهُ أَعْطَى عَطَاءً وَقَعَتْ فِيهِ الْمَوَارِيثُ هَذَا لَفْظُهُ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَلَهُ نَحوه من طَرِيق بن جُرَيْجٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَلَهُ مِنْ طَرِيقِ اللَّيْثِ عَنْهُ فَقَدْ قَطَعَ قَوْلُهُ حَقَّهُ فِيهَا وَهِيَ لِمَنْ أُعْمِرَ وَلِعَقِبِهِ وَلَمْ يَذْكُرِ التَّعْلِيلَ الَّذِي فِي آخِرِهِ وَلَهُ مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ عَنْهُ إِنَّمَا الْعُمْرَى الَّتِي أَجَازَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقُولَ هِيَ لَكَ وَلِعَقِبِكَ فَأَمَّا الَّذِي قَالَ هِيَ لَكَ مَا عِشْتَ فَإِنَّهَا تَرْجِعُ إِلَى صَاحِبِهَا قَالَ مَعْمَرٌ كَانَ الزُّهْرِيُّ يُفْتِي بِهِ وَلَمْ يَذْكُرِ التَّعْلِيلَ أَيْضا وَبَين من طَرِيق بن أَبِي ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ التَّعْلِيلَ مِنْ قَوْلِ أَبِي سَلَمَةَ وَقَدْ أَوْضَحْتُهُ فِي كِتَابِ الْمُدْرَجِ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ جَعَلَ الْأَنْصَارُ يُعْمِرُونَ الْمُهَاجِرِينَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْسِكُوا عَلَيْكُمْ أَمْوَالَكُمْ وَلَا تُفْسِدُوهَا فَإِنَّهُ مَنْ أُعْمِرَ عُمْرَى فَهِيَ لِلَّذِي أُعْمِرَهَا حَيًّا وَمَيِّتًا وَلِعَقِبِهِ فَيَجْتَمِعُ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ أَحَدُهَا أَنْ يَقُولَ هِيَ لَكَ وَلِعَقِبِكَ فَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهَا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَلِعَقِبِهِ ثَانِيهَا أَنْ يَقُولَ هِيَ لَكَ مَا عِشْتَ فَإِذَا مِتَّ رَجَعَتْ إِلَيَّ فَهَذِهِ عَارِيَّةٌ مُؤَقَّتَةٌ وَهِيَ صَحِيحَةٌ فَإِذَا مَاتَ رَجَعَتْ إِلَى الَّذِي أَعْطَى وَقَدْ بَيَّنَتْ هَذِهِ وَالَّتِي قَبْلَهَا رِوَايَةَ الزُّهْرِيِّ وَبِهِ قَالَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ وَرَجَّحَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْأَصَحُّ عِنْدَ أَكْثَرِهِمْ لَا تَرْجِعُ إِلَى الْوَاهِبِ وَاحْتَجُّوا بِأَنَّهُ شَرط فَاسد فلغي وَسَأَذْكُرُ الِاحْتِجَاجَ لِذَلِكَ آخِرَ الْبَابِ ثَالِثُهَا أَنْ يَقُولَ أَعْمَرْتُكَهَا وَيُطْلِقُ فَرِوَايَةُ أَبِي الزُّبَيْرِ هَذِهِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ الْأَوَّلِ وَأَنَّهَا لَا تَرْجِعُ إِلَى الْوَاهِبِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي الْجَدِيدِ وَالْجُمْهُورِ وَقَالَ فِي الْقَدِيمِ الْعَقْدُ بَاطِلٌ مِنْ أَصْلِهِ وَعَنْهُ كَقَوْلِ مَالِكٍ وَقِيلَ الْقَدِيمُ عَنِ الشَّافِعِيِّ كَالْجَدِيدِ وَقَدْ رَوَى النَّسَائِيُّ أَنَّ قَتَادَةَ حَكَى أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ سَأَلَ الْفُقَهَاءَ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَعْنِي صُورَةَ الْإِطْلَاقِ فَذَكَرَ لَهُ قَتَادَةُ عَنِ الْحَسَنِ وَغَيْرِهِ أَنَّهَا جَائِزَةٌ وَذَكَرَ لَهُ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ بِذَلِكَ قَالَ وَذَكَرَ لَهُ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ ذَلِكَ قَالَ فَقَالَ الزُّهْرِيُّ إِنَّمَا الْعُمْرَى أَيِ الْجَائِزَةُ إِذَا أُعْمِرَ لَهُ وَلِعَقِبِهِ مِنْ بَعْدِهِ فَإِذَا لَمْ يَجْعَلْ عَقِبَهُ مِنْ بَعْدِهِ كَانَ لِلَّذِي يَجْعَلُ شَرْطَهُ قَالَ قَتَادَةُ وَاحْتَجَّ الزُّهْرِيُّ بِأَنَّ الْخُلَفَاءَ لَا يَقْضُونَ بِهَا فَقَالَ عَطَاءٌ قَضَى بِهَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ

[2626] قَوْلُهُ عَنْ بَشِيرٍ بِالْمُعْجَمَةِ وزن عَظِيم بن نَهِيكٍ بِالنُّونِ وَزْنَ وَلَدِهِ قَوْلُهُ الْعُمْرَى جَائِزَةٌ فَهِمَ قَتَادَةُ وَهُوَ رَاوِي الْحَدِيثِ مِنْ هَذَا الْإِطْلَاقِ مَا حَكَيْتُهُ عَنْهُ وَحَمَلَهُ الزُّهْرِيُّ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمَاضِي وَإِطْلَاقُ الْجَوَازِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ لَا يُفْهَمُ مِنْهُ غَيْرُ الْحِلِّ أَوِ الصِّحَّةِ وَأَمَّا حَمْلُهُ عَلَى الْمَاضِي لِلَّذِي يُعَاطَاهَا وَهُوَ الَّذِي حَمَلَهُ عَلَيْهِ قَتَادَةُ فَيَحْتَاجُ إِلَى قَدْرٍ زَائِدٍ عَلَى ذَلِكَ وَقَدْ أَخْرَجَ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا لَا عُمْرَى فَمَنْ أَعْمَرَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ وَهُوَ يَشْهَدُ لِمَا فَهِمَهُ قَتَادَةُ قَوْلُهُ وَقَالَ عَطَاءٌ حَدَّثَنِي جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلُهُ فِي رِوَايَةِ غَيْرِ أَبِي ذَرٍّ نَحْوَهُ بَدَلَ

الصفحة 239