كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 5)

فِي آخِرِ الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ ثُمَّ اعْتُرِضَ بِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي هَذَا الْبَابِ وَالَّذِي وَقَعَ عِنْدَ الْجُمْهُورِ إِيرَادُهُ فِي هَذَا الْبَابِ

[2340] قَوْله عَن عَطاء فِي رِوَايَة بن مَاجَهْ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ حَدَّثَنِي عَطَاءٌ سَمِعْتُ جَابِرًا قَوْلُهُ كَانُوا أَيِ الصَّحَابَةُ فِي عَصْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلُهُ بِالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ وَالنِّصْفِ الْوَاوُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ بِمَعْنَى أَوْ أَشَارَ إِلَيْهِ التَّيْمِيُّ وَقَدْ تَقَدَّمَ لَهُ تَوْجِيهٌ آخَرُ فِي بَابِ الْمُزَارَعَةِ بِالشَّطْرِ قَوْلُهُ وَلْيَمْنَحْهَا أَيْ يَجْعَلْهَا مَنِيحَةً أَيْ عَطِيَّةً وَالنُّونُ فِي يَمْنَحْهَا مَفْتُوحَةٌ وَيَجُوزُ كَسْرُهَا وَقَدْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ مَطَرٍ الْوَرَّاقِ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ بِلَفْظِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ وَمِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ مَطَرٍ بِلَفْظِ مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَزْرَعْهَا فَإِنْ عَجَزَ عَنْهَا فَلْيَمْنَحْهَا أَخَاهُ الْمُسْلِمَ وَلَا يُؤَاجِرْهَا وَرِوَايَةُ الْأَوْزَاعِيِّ الَّتِي اقْتَصَرَ عَلَيْهَا الْمُصَنِّفُ مُفَسِّرَةٌ لِلْمُرَادِ لِذِكْرِهَا لِلسَّبَبِ الْحَامِلِ عَلَى النَّهْيِ قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلْيُمْسِكْ أَرْضَهُ أَيْ فَلَا يَمْنَحُهَا وَلَا يُكْرِيهَا وَقَدِ اسْتُشْكِلَ بِأَنَّ فِي إِمْسَاكِهَا بِغَيْرِ زِرَاعَةٍ تَضْيِيعًا لِمَنْفَعَتِهَا فَيَكُونُ مِنْ إِضَاعَةِ الْمَالِ وَقَدْ ثَبَتَ النَّهْيُ عَنْهَا وَأُجِيبَ بِحَمْلِ النَّهْيِ عَنْ إِضَاعَةِ عَيْنِ الْمَالِ أَوْ مَنْفَعَةٍ لَا تُخْلِفُ لِأَنَّ الْأَرْضَ إِذَا تُرِكَتْ بِغَيْرِ زَرْعٍ لَمْ تَتَعَطَّلْ مَنْفَعَتُهَا فَإِنَّهَا قَدْ تُنْبِتُ مِنَ الْكَلَأِ وَالْحَطَبِ وَالْحَشِيشِ مَا يَنْفَعُ فِي الرَّعْيِ وَغَيْرِهِ وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ لَا يَحْصُلَ ذَلِكَ فَقَدْ يَكُونُ تَأْخِيرُ الزَّرْعِ عَنِ الْأَرْضِ إِصْلَاحًا لَهَا فَتُخَلِّفُ فِي السَّنَةِ الَّتِي تَلِيهَا مَا لَعَلَّهُ فَاتَ فِي سَنَةِ التَّرْكِ وَهَذَا كُلُّهُ إِنْ حُمِلَ النَّهْيُ عَنِ الْكِرَاءِ عَلَى عُمُومِهِ فَأَمَّا لَوْ حُمِلَ الْكِرَاءُ عَلَى مَا كَانَ مَأْلُوفًا لَهُمْ مِنَ الْكِرَاءِ بِجُزْءٍ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْهَا وَلَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ غَيْرَ مَعْلُومٍ فَلَا يَسْتَلْزِمُ ذَلِكَ تَعْطِيلَ الِانْتِفَاعِ بِهَا فِي الزِّرَاعَةِ بَلْ يُكْرِيهَا بِالذَّهَبِ أَوِ الْفِضَّةِ كَمَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[2341] قَوْلُهُ وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ أَبُو تَوْبَةَ بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَسُكُونِ الْوَاوِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ هُوَ الْحَلَبِيُّ ثِقَةٌ لَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ وَآخَرَ فِي الطَّلَاقِ وَقَدْ وَصَلَ مُسْلِمٌ حَدِيثَ الْبَابِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيِّ عَنْ أَبِي تَوْبَة وَشَيْخه مُعَاوِيَة هُوَ بن سَلام بتَشْديد اللآم وَيحيى هُوَ بن أَبِي كَثِيرٍ وَقَدِ اخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِي إِسْنَادِهِ وَكَذَا عَلَى شَيْخِهِ أَبِي سَلَمَةَ وَقَدْ أَطْنَبَ النَّسَائِيُّ فِي جَمْعِ طُرُقِهِ

[2342] قَوْلُهُ عَنْ عَمْرٍو هُوَ بن دِينَارٍ قَوْلُهُ ذَكَرْتُهُ أَيْ حَدِيثَ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ لِطَاوُسٍ أَيْ كَمَا تَقَدَّمَ وَقَدْ مَضَى شَرْحُهُ بَعْدَ أَبْوَابٍ وَقَوْلُهُ لَمْ يَنْهَ عَنْهُ أَيْ لَمْ يُحَرِّمْهُ وَبِهَا صَرَّحَ التِّرْمِذِيُّ فِي رِوَايَتِهِ وَقَوْلُهُ إِنْ يَمْنَحْ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ مِنْ إِنْ عَلَى أَنَّهَا شَرْطِيَّةٌ وَلِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ بِفَتْحِهَا وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَفِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ وَلَكِنْ أَرَادَ أَنْ يَرْفُقَ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ قَوْلُهُ إِنَّ بن عُمَرَ كَانَ يُكْرِي بِضَمِّ أَوَّلِهِ مِنَ الرُّبَاعِيِّ يُقَالُ أَكْرَى أَرْضَهُ يُكْرِيهَا

[2344] قَوْلُهُ وَصَدْرًا مِنْ إِمَارَةِ مُعَاوِيَةَ أَيْ خِلَافَتِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرِ بن عُمَرَ خِلَافَةَ عَلِيٍّ لِأَنَّهُ لَمْ يُبَايِعْهُ لِوُقُوعِ الِاخْتِلَافِ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ مَشْهُورٌ فِي صَحِيحِ الْأَخْبَارِ وَكَانَ رَأَى أَنَّهُ لَا يُبَايِعُ لِمَنْ لَمْ يَجْتَمِعْ عَلَيْهِ النَّاسُ وَلِهَذَا لَمْ يُبَايِعْ أَيْضًا لِابْنِ الزُّبَيْرِ وَلَا لِعَبْدِ الْمَلِكِ فِي حَالِ اخْتِلَافِهِمَا وَبَايَعَ لِيَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ ثُمَّ لعبد الْملك بن مَرْوَان بعد قتل بن الزُّبَيْرِ وَلَعَلَّ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ أَعْنِي مُدَّةَ خِلَافَةِ عَلِيٍّ لَمْ يُؤَاجِرْ أَرْضَهُ فَلَمْ يَذْكُرْهَا لِذَلِكَ وَزَادَ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَتِهِ حَتَّى إِذَا كَانَ فِي آخِرِ خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ وَكَانَ آخِرُ خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ فِي سَنَةِ سِتِّينَ مِنَ الْهِجْرَةِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ أَيُّوبَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ نَحْوُ هَذَا السِّيَاقِ وَزَادَ فِيهِ فَتَركهَا بن عُمَرَ وَكَانَ لَا يُكْرِيهَا فَإِذَا سُئِلَ يَقُولُ زعم رَافع بن خديج فَذكره قَوْله ثُمَّ حُدِّثَ عَنْ رَافِعٍ بِضَمِّ أَوَّلِهِ عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ لِلْأَكْثَرِ وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَحَذْفِ عَنْ وَلِابْنِ مَاجَهْ عَنْ نَافِعٍ عَن بن عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُكْرِي أَرْضَهُ فَأَتَاهُ إِنْسَانٌ فَأَخْبَرَهُ عَنْ رَافِعٍ فَذَكَرَهُ وَزَادَ وَقَدِ اسْتَظْهَرَ الْبُخَارِيُّ لِحَدِيثِ رَافِعٍ بِحَدِيثِ جَابِرٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ رَادًّا عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ حَدِيثَ رَافِعٍ فَرْدٌ وَأَنَّهُ مُضْطَرِبٌ وَأَشَارَ إِلَى صِحَّةِ

الصفحة 24