كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 5)
الْوَاحِدَةُ مِنَ الْحَلْبِ وَالصَّفِيُّ بِفَتْحِ الصَّادِ وَكَسْرِ الْفَاءِ أَيِ الْكَرِيمَةُ الْغَزِيرَةُ اللَّبَنِ وَيُقَالُ لَهَا الصَّفِيَّةُ أَيْضًا كَذَا رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ بَعْدَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يُوسُف وَإِسْمَاعِيل يَعْنِي بن أَبِي أُوَيْسٍ رَوَيَاهُ بِلَفْظِ نِعْمَ الصَّدَقَةُ اللِّقْحَةُ الصَّفِيُّ مِنْحَةً وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ مَالِكٍ وَكَذَا رَوَاهُ شُعَيْبٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْأَشْرِبَة قَالَ بن التِّينِ مَنْ رَوَى نِعْمَ الصَّدَقَةُ رَوَى أَحَدَهُمَا بِالْمَعْنَى لِأَنَّ الْمِنْحَةَ الْعَطِيَّةُ وَالصَّدَقَةَ أَيْضًا عَطِيَّةٌ قُلْتُ لَا تَلَازُمَ بَيْنَهُمَا فَكُلُّ صَدَقَةٍ عَطِيَّةٌ وَلَيْسَ كُلُّ عَطِيَّةٍ صَدَقَةً وَإِطْلَاقُ الصَّدَقَةِ عَلَى الْمِنْحَةِ مَجَازٌ وَلَوْ كَانَتِ الْمِنْحَةُ صَدَقَةً لَمَا حَلَّتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلْ هِيَ مِنْ جِنْسِ الْهِبَةِ وَالْهَدِيَّةِ وَقَوْلُهُ مِنْحَةً مَنْصُوب على التَّمْيِيز قَالَ بن مَالِكٍ فِيهِ وُقُوعُ التَّمْيِيزِ بَعْدَ فَاعِلِ نِعْمَ ظَاهِرًا وَقَدْ مَنَعَهُ سِيبَوَيْهِ إِلَّا مَعَ الْإِضْمَارِ مثل بئس للظالمين بَدَلا وَجَوَّزَهُ الْمُبَرِّدُ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَقَالَ أَبُو الْبَقَاءِ اللِّقْحَةُ هِيَ الْمَخْصُوصَةُ بِالْمَدْحِ وَمِنْحَةٌ مَنْصُوبٌ عَلَى التَّمْيِيزِ تَوْكِيدًا وَهُوَ كَقَوْلِ الشَّاعِرِ فَنِعْمَ الزَّادُ زَادَ أَبِيكَ زَادًا قَوْلُهُ تَغْدُو بِإِنَاءٍ وَتَرُوحُ بِإِنَاءٍ أَيْ مِنَ اللَّبَنِ أَيْ تَحْلِبُ إِنَاءً بِالْغَدَاةِ وَإِنَاءً بِالْعَشِيِّ وَوَقَعَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ بِلَفْظِ أَلَا رَجُلٌ يَمْنَحُ أَهْلَ بَيْتٍ نَاقَةً تَغْدُو بِإِنَاءٍ وَتَرُوحُ بِإِنَاءٍ إِنَّ أَجْرَهَا لَعَظِيمٌ الْحَدِيثُ الثَّانِي حَدِيثُ أَنَسٍ
[2630] قَوْلُهُ وَلَيْسَ بِأَيْدِيهِمْ كَذَا لِلْجَمِيعِ وَفِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ وَكَرِيمَةَ يَعْنِي شَيْءٌ وَثَبَتَ لَفْظُ شَيْءٍ فِي رِوَايَةِ مُسلم عَن حَرْمَلَة وَأبي الطَّاهِر عَن بن وَهْبٍ قَوْلُهُ فَقَاسَمَهُمُ الْأَنْصَارُ إِلَخْ ظَاهِرُهُ مُغَايِرٌ لِقَوْلِهِ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَاضِي فِي الْمُزَارَعَةِ قَالَتِ الْأَنْصَارُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اقْسِمْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ إِخْوَانِنَا النَّخِيلَ قَالَ لَا وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُقَاسَمَةِ هُنَا الْقِسْمَةُ الْمَعْنَوِيَّةُ وَهِيَ الَّتِي أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ حَيْثُ قَالَ قَالُوا فَيَكْفُونَنَا الْمُؤْنَةَ وَنُشْرِكُهُمْ فِي الثَّمَرِ فَكَانَ الْمُرَادُ هُنَا مُقَاسَمَةَ الثِّمَارِ وَالْمَنْفِيُّ هُنَاكَ مُقَاسَمَةَ الْأُصُولِ وَزَعَمَ الدَّاودِيّ وَأقرهُ بن التِّينِ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ هُنَا قَاسَمَهُمُ الْأَنْصَارُ أَيْ حَالَفُوهُمْ جَعَلَهُ مِنَ الْقَسَمِ بِفَتْحِ الْقَافِ وَالْمُهْمَلَةِ لَا مِنَ الْقَسْمِ بِسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَعَقُّبُ مَا زَعَمَهُ فِي كِتَابِ الْمُزَارَعَةِ قَوْلُهُ وَكَانَتْ أُمُّهُ أُمُّ أَنَسٍ إِلَخْ الضَّمِيرُ فِي أُمِّهِ يَعُودُ عَلَى أَنَسٍ وَأُمُّ أَنَسٍ بَدَلٌ مِنْهُ وَكَذَا أُمُّ سُلَيْمٍ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَكَانَتْ أُمُّهُ أُمُّ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَهِيَ تُدْعَى أُمَّ سُلَيْمٍ وَكَانَتْ أُمَّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ كَانَ أَخَا أَنَسٍ لِأُمِّهِ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ قَائِلَ ذَلِكَ هُوَ الزُّهْرِيُّ الرَّاوِي عَنْ أَنَسٍ لَكِنَّ بَقِيَّةَ السِّيَاقِ يَقْتَضِي أَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ فَيُحْمَلُ عَلَى التَّجْرِيدِ قَوْلُهُ فَكَانَتْ أَعْطَتْ أُمُّ أَنَسٍ أَيْ كَانَتْ أُمُّ أَنَسٍ أَعْطَتْ قَوْلُهُ عِذَاقًا بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَبِذَالٍ مُعْجَمَةٍ خَفِيفَةٍ جَمْعُ عَذْقٍ بِفَتْحٍ ثُمَّ سُكُونٍ كَحَبْلٍ وَحِبَالٍ وَالْعَذْقُ النَّخْلَةُ وَقِيلَ إِنَّمَا يُقَالُ لَهَا ذَلِكَ إِذَا كَانَ حَمْلُهَا مَوْجُودًا وَالْمُرَادُ أَنَّهَا وَهَبَتْ لَهُ ثَمَرهَا قَوْله قَالَ بن شِهَابٍ هُوَ مَوْصُولٌ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ وَكَذَا هُوَ عِنْدَ مُسْلِمٍ قَوْلُهُ إِلَى أُمِّهِ أَيْ إِلَى أُمِّ أَنَسٍ وَهِيَ أُمُّ سُلَيْمٍ قَوْلُهُ فَأَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّ أَيْمَنَ مَكَانَهُنَّ أَيْ بَدَلَهُنَّ قَوْلُهُ مِنْ حَائِطِهِ أَيْ بُسْتَانِهِ قَوْلُهُ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبٍ أَخْبَرَنَا أَبِي عَنْ يُونُسَ بِهَذَا أَيْ بِالْإِسْنَادِ وَالْمَتْنِ قَوْلُهُ وَقَالَ مَكَانَهُنَّ مِنْ خَالِصِهِ يَعْنِي أَنه وَافق بن وَهْبٍ فِي السِّيَاقِ إِلَّا فِي قَوْلِهِ مِنْ حَائِطِهِ فَقَالَ مِنْ خَالِصِهِ أَيْ مِنْ خَالِصِ مَاله قَالَ بن التِّينِ الْمَعْنَى وَاحِدٌ لِأَنَّ حَائِطَهُ صَارَ لَهُ خَالِصًا قُلْتُ لَكِنَّ لَفْظَ خَالِصِهِ أَصْرَحُ فِي الِاخْتِصَاصِ مِنْ حَائِطِهِ وَطَرِيقُ أَحْمَدَ بْنِ شَبِيبٍ هَذِهِ وَصَلَهَا الْبَرْقَانِيُّ فِي الْمُصَافَحَةِ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الصَّائِغِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ شَبِيبٍ الْمَذْكُورِ مِثْلَهُ زَادَ مُسْلِمٌ فِي
الصفحة 244
423