كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 5)
عَنْ الْكُوفِيِّينَ فِي ذَلِكَ وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ الْإِفْكِ وَقَالَ مَالِكٌ لَا يَكُونُ ذَلِكَ تَزْكِيَةً حَتَّى يَقُولَ رِضًا أَيْ بِالْقَصْرِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ حَتَّى يَقُولَ عَدْلٌ وَفِي قَوْلٍ عَدْلٌ عَلَيَّ وَلِي وَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ الْمُزَكِّي حَالَهُ الْبَاطِنَةَ وَالْحُجَّةُ لِذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ مِنْهُ إِلَّا الْخَيْرَ أَنْ لَا يَكُونَ فِيهِ شَرٌّ وَأَمَّا احْتِجَاجُهُمْ بِقِصَّةِ أُسَامَةَ فَأَجَابَ الْمُهْلَّبُ بِأَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ فِي الْعَصْرِ الَّذِي زَكَّى اللَّهُ أَهْلَهُ وَكَانَتِ الْجُرْحَةُ فِيهِمْ شَاذَّةً فَكَفَى فِي تَعْدِيلِهِمْ أَنْ يُقَالَ لَا أَعْلَمُ إِلَّا خَيْرًا وَأَمَّا الْيَوْمَ فَالْجُرْحَةُ فِي النَّاسِ أَغْلَبُ فَلَا بُدَّ مِنَ التَّنْصِيصِ عَلَى الْعَدَالَةِ قُلْتُ لَمْ يَبُتَّ الْبُخَارِيُّ الْحُكْمَ فِي التَّرْجَمَةِ بَلْ أَوْرَدَهَا مَوْرِدَ السُّؤَالِ لِقُوَّةِ الْخِلَافِ فِيهَا قَوْلُهُ وَسَاقَ حَدِيثَ الْإِفْكِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُسَامَةَ حِينَ اسْتَشَارَهُ فَقَالَ أَهْلَكَ وَلَا نَعْلَمُ إِلَّا خَيْرًا كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَلَمْ يَقَعْ هَذَا كُلُّهُ عِنْدَ الْبَاقِينَ وَهُوَ اللَّائِقُ لِأَنَّ حَدِيثَ الْإِفْكِ قَدْ ذُكِرَ فِي الْبَابِ مَوْصُولًا وَإِنْ كَانَ اخْتَصَرَهُ وَسَيَأْتِي مُطَوَّلًا أَيْضًا بَعْدَ أَبْوَابٍ وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ النُّورِ وَقَوْلُهُ
[2637] فِيهِ وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِي يُونُسُ وَصَلَهُ هُنَاكَ أَيْضًا وَقَوْلُهُ أَهْلَكَ وَلَا نَعْلَمُ إِلَّا خَيْرًا بِنَصْبِ أَهْلَكَ لِلْأَكْثَرِ عَلَى الْإِغْرَاءِ أَوْ عَلَى فِعْلٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ أَمْسِكْ أَهْلَكَ وَلِبَعْضِهِمْ بِالرَّفْعِ أَيْ هم أهلك قَالَ بن الْمُنِيرِ التَّعْدِيلُ إِنَّمَا هُوَ تَنْفِيذٌ لِلشَّهَادَةِ وَعَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا لَمْ تَكُنْ شَهِدَتْ وَلَا كَانَتْ مُحْتَاجَةً إِلَى التَّعْدِيلِ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْبَرَاءَةُ وَإِنَّمَا كَانَتْ مُحْتَاجَةً إِلَى نَفْيِ التُّهْمَةِ عَنْهَا حَتَّى تَكُونَ الدَّعْوَى عَلَيْهَا بِذَلِكَ غَيْرَ مَقْبُولَةٍ وَلَا شُبْهَةَ فَيَكْفِي فِي هَذَا الْقَدْرِ هَذَا اللَّفْظُ فَلَا يَكُونُ فِيهِ لِمَنِ اكْتَفَى فِي التَّعْدِيلِ بِقَوْلِهِ لَا أَعْلَمُ إِلَّا خَيْرًا حُجَّةٌ
الصفحة 249
423