كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 5)

(

قَوْله بَاب شَهَادَة المختبيء)
بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيِ الَّذِي يَخْتَفِي عِنْدَ التَّحَمُّلِ قَوْلُهُ وَأَجَازَهُ أَيِ الِاخْتِبَاءَ عِنْدَ تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ قَوْلُهُ عَمْرُو بْنُ حُرَيْثٍ بِالْمُهْمَلَةِ وَالْمُثَلَّثَةِ مُصَغَّرٌ بن عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ الْمَخْزُومِيُّ مِنْ صِغَارِ الصَّحَابَةِ وَلِأَبِيهِ صُحْبَةٌ وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ ذِكْرٌ إِلَّا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ قَوْلُهُ قَالَ وَكَذَلِكَ يُفْعَلُ بِالْكَاذِبِ الْفَاجِرِ كَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى السَّبَبِ فِي قبُول شَهَادَته وَقد روى بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ الشَّعْبِيِّ عَنْ شُرَيْحٍ أَنَّهُ كَانَ لَا يُجِيزُ شَهَادَةَ الْمُخْتَبِئِ قَالَ وَقَالَ عَمْرُو بْنُ حُرَيْثٍ كَذَلِكَ يُفْعَلُ بِالْخَائِنِ الظَّالِمِ أَوِ الْفَاجِرِ وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيِّ أَنَّ عَمْرَو بْنَ حُرَيْثٍ كَانَ يُجِيزُ شَهَادَتَهُ وَيَقُولُ كَذَلِكَ يُفْعَلُ بِالْخَائِنِ الْفَاجِرِ وَرُوِيَ مِنْ طُرُقٍ عَنْ شُرَيْحٍ أَنَّهُ كَانَ يَرُدُّ شَهَادَةَ الْمُخْتَبِئِ وَكَذَلِكَ الشَّعْبِيُّ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ وَأَجَازَهَا فِي الْجَدِيدِ إِذَا عاين الْمَشْهُود عَلَيْهِ قَوْله وَقَالَ الشّعبِيّ وبن سِيرِينَ وَعَطَاءٌ وَقَتَادَةُ السَّمْعُ شَهَادَةٌ أَمَّا قَوْلُ الشّعبِيّ فوصله بن أَبِي شَيْبَةَ عَنْ هُشَيْمٍ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْهُ بِهَذَا وَرُوِّينَاهُ فِي الْجَعْدِيَّاتِ قَالَ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنِ الْأَشْعَثِ عَنْ عَامِرٍ وَهُوَ الشَّعْبِيُّ قَالَ تَجُوزُ شَهَادَةُ السَّمْعِ إِذَا قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْهُ وَقَوْلُ الشَّعْبِيِّ هَذَا يُعَارِضُ رَدَّهُ لِشَهَادَةِ الْمُخْتَبِئِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُفَرِّقَ بِأَنَّهُ إِنَّمَا رَدَّ شَهَادَةَ الْمُخْتَبِئِ لِمَا فِيهَا مِنَ الْمُخَادَعَةِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ رَدُّهُ لِشَهَادَةِ السَّمْعِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَعَنْ مَالِكٍ أَيْضًا الْحِرْصُ عَلَى محمل الشَّهَادَةِ قَادِحٌ فَإِذَا اخْتَفَى لِيَشْهَدَ فَهُوَ حِرْصٌ وَأما قَول بن سِيرِينَ وَقَتَادَةَ فَسَيَأْتِي فِي بَابِ شَهَادَةِ الْأَعْمَى وَأما قَول عَطاء وَهُوَ بن أَبِي رَبَاحٍ فَوَصَلَهُ الْكَرَابِيسِيُّ فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ من رِوَايَة بن جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ السَّمْعُ شَهَادَةٌ قَوْلُهُ وَكَانَ الْحَسَنُ يَقُولُ لَمْ يُشْهِدُونِي عَلَى شَيْءٍ وَلَكِنْ سَمِعت كَذَا وَكَذَا وَصله بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْهُ قَالَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا سَمِعَ مِنْ قَوْمٍ شَيْئًا فَإِنَّهُ يَأْتِي الْقَاضِيَ فَيَقُولُ لَمْ يُشْهِدُونِي وَلَكِنْ سَمِعْتُ كَذَا وَكَذَا وَهَذَا التَّفْصِيلُ حَسَنٌ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَة وَلَمْ يَقُلْ الْإِشْهَادُ فَيَفْتَرِقُ الْحَالُ عِنْدَ الْأَدَاءِ فَإِنْ سَمِعَهُ وَلَمْ يُشْهِدْهُ وَقَالَ عِنْدَ الْأَدَاءِ أَشْهَدَنِي لَمْ يُقْبَلْ وَإِنْ قَالَ أَشْهَدُ أَنَّهُ قَالَ كَذَا قُبِلَ ثُمَّ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ فِيهِ حَدِيثَيْنِ أَحَدُهُمَا حَدِيثُ بن عمر فِي قصَّة بن صَيَّادٍ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الْفِتَنِ وَالْغَرَضُ مِنْهُ

[2638] قَوْلُهُ فِيهِ وَهُوَ يَخْتِلُ أَن يسمع من بن صَيَّادٍ شَيْئًا قَبْلَ أَنْ يَرَاهُ وَقَوْلُهُ فِي آخِرِهِ لَوْ تَرَكَتْهُ بَيَّنَ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي الِاعْتِمَادَ عَلَى سَمَاعِ الْكَلَامِ وَإِنْ كَانَ السَّامِعُ مُحْتَجِبًا عَنِ الْمُتَكَلِّمِ إِذَا عَرَفَ الصَّوْتَ وَقَوْلُهُ يَخْتِلُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الْمُثَنَّاةِ أَيْ يَطْلُبُ أَنْ يَسْمَعَ كَلَامَهُ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ ثَانِيهِمَا حَدِيثُ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ امْرَأَةِ رِفَاعَةَ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي الطَّلَاقِ وَالْغَرَضُ مِنْهُ إِنْكَارُ خَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ عَلَى امْرَأَةِ رِفَاعَةَ مَا كَانَتْ تَكَلَّمُ بِهِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ كَوْنِهِ مَحْجُوبًا عَنْهَا خَارِجَ الْبَابِ وَلَمْ يُنْكِرِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ ذَلِكَ فَاعْتِمَادُ خَالِدٍ عَلَى سَمَاعِ صَوْتِهَا حَتَّى أَنْكَرَ عَلَيْهَا هُوَ حَاصِلُ مَا يَقع من شَهَادَة السّمع

الصفحة 250