كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 5)

إِلَى أَنَّ ذَلِكَ عَلَى التَّنْزِيهِ وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهُ لَا يَكْفِي فِي ذَلِكَ شَهَادَةُ الْمُرْضِعَةِ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهَا وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو عُبَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ عُمَرَ وَالْمُغِيرَةِ بن شُعْبَة وَعلي بن أبي طَالب وبن عَبَّاسٍ أَنَّهُمُ امْتَنَعُوا مِنَ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ بِذَلِكَ فَقَالَ عُمَرُ فَرِّقْ بَيْنَهُمَا إِنْ جَاءَتْ بَيِّنَةٌ وَإِلَّا فَخَلِّ بَيْنَ الرَّجُلِ وَامْرَأَتِهِ إِلَّا أَنْ يَتَنَزَّهَا وَلَوْ فُتِحَ هَذَا الْبَابُ لَمْ تَشَأِ امْرَأَةٌ أَنْ تُفَرِّقَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ إِلَّا فَعَلَتْ وَقَالَ الشَّعْبِيُّ تُقْبَلُ مَعَ ثَلَاثِ نِسْوَةٍ بِشَرْطِ أَنْ لَا تَتَعَرَّضَ نِسْوَةٌ لِطَلَبِ أُجْرَةٍ وَقِيلَ لَا تُقْبَلُ مُطْلَقًا وَقِيلَ تُقْبَلُ فِي ثُبُوتِ الْمَحْرَمِيَّةِ دُونَ ثُبُوتِ الْأُجْرَةِ لَهَا عَلَى ذَلِك وَقَالَ مَالِكٌ تُقْبَلُ مَعَ أُخْرَى وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ لَا تُقْبَلُ فِي الرَّضَاعِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ الْمُتَمَحِّضَاتِ وَعَكْسُهُ الْإِصْطَخْرِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَأَجَابَ مَنْ لَمْ يَقْبَلْ شَهَادَةَ الْمُرْضِعَةِ وَحْدَهَا بِحَمْلِ النَّهْيِ فِي قَوْله فَنَهَاهُ عَنْهَا على التَّنْزِيه وبحمل الْأَمْرُ فِي قَوْلِهِ دَعْهَا عَنْكَ عَلَى الْإِرْشَادِ وَفِي الْحَدِيثِ جَوَازُ إِعْرَاضِ الْمُفْتِي لِيَتَنَبَّهَ الْمُسْتَفْتِي عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ فِيمَا سَأَلَهُ الْكَفُّ عَنْهُ وَجَوَازُ تَكْرَارِ السُّؤَالِ لِمَنْ لَمْ يَفْهَمِ الْمُرَادَ وَالسُّؤَالِ عَنِ السَّبَبِ الْمُقْتَضِي لِرَفْعِ النِّكَاحِ وَقَوْلُهُ

[2660] فِي الْإِسْنَادِ الَّذِي قَبْلَهُ حَدَّثَنِي عُقْبَةُ بْنُ الْحَارِثِ أَوْ سَمِعْتُهُ مِنْهُ فِيهِ رَدٌّ عَلَى من زعم أَن بن أَبِي مُلَيْكَةَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِث وَقد حَكَاهُ بن عَبْدِ الْبَرِّ وَلَعَلَّ قَائِلَ ذَلِكَ أَخَذَهُ مِنَ الرِّوَايَة الْآتِيَة فِي النِّكَاح من طَرِيق بن علية عَن أَيُّوب عَن بن أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَن عقبَة بن الْحَارِث قَالَ بن أَبِي مُلَيْكَةَ وَقَدْ سَمِعْتُهُ مِنْ عُقْبَةَ وَلَكِنِّي لِحَدِيثِ عُبَيْدٍ أَحْفَظُ وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيق حَمَّاد عَن أَيُّوب وَلَفظه عَن بن أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ وَحَدَّثَنِيهِ صَاحِبٌ لِي عَنْهُ وَأَنَا لِحَدِيثِ صَاحِبِي أَحْفَظُ وَلَمْ يُسَمِّهِ وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى التَّفْرِقَةِ فِي صِيَغِ الْأَدَاءِ بَيْنَ الْإِفْرَادِ وَالْجَمْعِ أَوْ بَيْنَ الْقَصْدِ إِلَى التَّحْدِيثِ وَعَدَمِهِ فَيَقُولُ الرَّاوِي فِيمَا سَمِعَهُ وَحْدَهُ مِنْ لَفْظِ الشَّيْخِ أَوْ قَصَدَ الشَّيْخُ تَحْدِيثَهُ بِذَلِكَ حَدَّثَنِي بِالْإِفْرَادِ وَفِيمَا عَدَا ذَلِكَ حَدَّثَنَا بِالْجَمْعِ أَوْ سَمِعْتُ فَلَانًا يَقُولُ وَوَقَعَ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ حَدَّثَنِي عُقْبَةُ بْنُ الْحَارِثِ ثُمَّ قَالَ لَمْ يُحَدِّثْنِي وَلَكِنِّي سَمِعْتُهُ يُحَدِّثُ وَهَذَا يُعَيِّنُ أَحَدَ الِاحْتِمَالَيْنِ وَقَدِ اعْتَمَدَ ذَلِكَ النَّسَائِيُّ فِيمَا يَرْوِيهِ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ مِسْكِينٍ فَيَقُولُ الْحَارِثُ بْنُ مِسْكِينٍ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ وَلَا يَقُولُ حَدَّثَنِي وَلَا أَخْبَرَنِي لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْهُ بِالتَّحْدِيثِ وَإِنَّمَا كَانَ يَسْمَعُهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَشْعُرَ بِهِ قَوْلُهُ فِيهِ إِنِّي قَدْ أَرْضَعْتُكُمَا زَادَ الدَّارَقُطْنِيّ من طَرِيق أَيُّوب عَن بن أَبِي مُلَيْكَةَ فَدَخَلَتْ عَلَيْنَا امْرَأَةٌ سَوْدَاءُ فَسَأَلَتْ فَأَبْطَأْنَا عَلَيْهَا فَقَالَتْ تَصَدَّقُوا عَلَيَّ فَوَاللَّهِ لَقَدْ أَرْضَعْتُكُمَا جَمِيعًا زَادَ الْبُخَارِيُّ فِي الْعِلْمِ مِنْ طَرِيق عمر بن سعيد عَن بن أبي حُسَيْن عَن بن أَبِي مُلَيْكَةَ فَقَالَ لَهَا عُقْبَةُ مَا أَرْضَعْتِنِي وَلَا أَخْبَرْتِنِي أَيْ بِذَلِكَ قَبْلَ التَّزَوُّجِ زَادَ فِي بَاب إِذا شهد شَاهد بِشَيْءٍ فَقَالَ آخَرُ مَا عَلِمْتُ ذَلِكَ وَفِي الْعِلْمِ فَرَكِبَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ فَسَأَلَهُ وَتَرْجَمَ عَلَيْهِ الرِّحْلَةُ فِي الْمَسْأَلَةِ النَّازِلَةِ وَزَادَ فِي النِّكَاحِ فَقَالَتْ لِي قَدْ أَرْضَعْتُكُمَا وَهِيَ كَاذِبَةٌ قَوْلُهُ دَعْهَا عَنْكَ أَوْ نَحْوَهُ فِي رِوَايَةِ النِّكَاحِ دَعْهَا عَنْكَ حَسْبُ زَادَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي رِوَايَةِ أَيُّوبَ فِي آخِرِهِ لَا خَيْرَ لَكَ فِيهَا وَفِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ فَنَهَاهُ عَنْهَا زَادَ فِي الْبَابِ الْمُشَارِ إِلَيْهِ مِنَ الشَّهَادَاتِ فَفَارَقَهَا وَنَكَحَتْ زوجا غَيره

الصفحة 269