كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 5)

(قَوْلُهُ بَابٌ كَذَا)
لِلْجَمِيعِ بِغَيْرِ تَرْجَمَةٍ وَهُوَ كَالْفَصْلِ مِنَ الْبَابِ الَّذِي قَبِلَهُ وَلَمْ يَذْكُرِ بن بَطَّالٍ لَفْظَ بَابٌ وَكَانَ مُنَاسَبَتُهُ لَهُ مِنْ قَول الرجل فَإِنَّهُم أَصْحَاب زرع قَالَ بن الْمُنِيرِ وَجْهُهُ أَنَّهُ نُبِّهَ بِهِ عَلَى أَنَّ أَحَادِيثَ النَّهْيِ عَنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ إِنَّمَا هِيَ عَلَى التَّنْزِيهِ لَا عَلَى الْإِيجَابِ لِأَنَّ الْعَادَةَ فِيمَا يحرص عَلَيْهِ بن آدَمَ أَنَّهُ يُحِبُّ اسْتِمْرَارَ الِانْتِفَاعِ بِهِ وَبَقَاءُ حِرْصِ هَذَا الرَّجُلِ عَلَى الزَّرْعِ حَتَّى فِي الْجَنَّةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ مَاتَ عَلَى ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَ كِرَاءِ الْأَرْضِ لَفَطَمَ نَفْسَهُ عَنِ الْحِرْصِ عَلَيْهَا حَتَّى لَا يَثْبُتَ هَذَا الْقَدْرُ فِي ذِهْنِهِ هَذَا الثُّبُوتَ

[2348] قَوْلُهُ عَنْ هِلَالِ بْنِ عَلِيٍّ هُوَ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ أُسَامَةَ وَالْإِسْنَادُ الْعَالِي كُلُّهُمْ مَدَنِيُّونَ إِلَّا شَيْخَ الْبُخَارِيِّ وَقَدْ سَاقَهُ عَلَى لَفْظِ الْإِسْنَادِ الثَّانِي وَسَاقَهُ فِي كِتَابِ التَّوْحِيدِ عَلَى لَفْظِ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ قَوْلُهُ وَعِنْدَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ قَوْلُهُ اسْتَأْذَنَ رَبَّهُ فِي الزَّرْعِ أَيْ فِي أَنْ يُبَاشِرَ الزِّرَاعَةَ قَوْلُهُ فَقَالَ لَهُ أَلَسْتَ فِيمَا شِئْتَ فِي رِوَايَة مُحَمَّد بن سِنَان أَو لست بِزِيَادَةِ وَاوٍ قَوْلُهُ فَبَذَرَ أَيْ أَلْقَى الْبَذْرَ فَنَبَتَ فِي الْحَالِ وَفِي السِّيَاقِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ فَأُذِنَ لَهُ فَبَذَرَ فَبَادَرَ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ فَأَسْرَعَ فَتَبَادَرَ قَوْلُهُ الطَّرْفَ بِفَتْحِ الطَّاءِ وَسُكُونِ الرَّاءِ امْتِدَادُ لَحْظِ الْإِنْسَانِ إِلَى أَقْصَى مَا يَرَاهُ وَيُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى حَرَكَةِ جَفْنِ الْعَيْنِ وَكَأَنَّهُ الْمُرَادُ هُنَا قَوْلُهُ وَاسْتِحْصَادُهُ زَادَ فِي التَّوْحِيدِ وَتَكْوِيرُهُ أَيْ جَمْعُهُ وَأَصْلُ الْكُورِ الْجَمَاعَةُ الْكَثِيرَةُ مِنَ الْإِبِلِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَمَّا بَذَرَ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ اسْتِوَاءِ الزَّرْعِ وَنَجَازِ أَمْرِهِ كُلِّهِ مِنَ الْقَلْعِ وَالْحَصْدِ وَالتَّذْرِيَةِ وَالْجَمْعِ وَالتَّكْوِيمِ إِلَّا قَدْرَ لَمْحَةِ الْبَصَرِ وَقَوْلُهُ دُونَكَ بِالنَّصْبِ عَلَى الْإِغْرَاءِ أَيْ خُذْهُ قَوْلُهُ لَا يُشْبِعُكَ شَيْءٌ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ لَا يَسَعُكَ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَالْمُهْمَلَةِ وَضَمِّ الْعَيْنِ وَهُوَ مُتَّحِدُ الْمَعْنَى قَوْلُهُ فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ أَيْ ذَلِكَ الرَّجُلُ الَّذِي مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ أَنَّ كُلَّ مَا اشْتُهِيَ فِي الْجَنَّةِ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا مُمْكِنٌ فِيهَا قَالَهُ الْمُهَلَّبُ وَفِيهِ وَصْفُ النَّاسِ بِغَالِبِ عَادَاتِهِمْ قَالَهُ بن بَطَّالٍ وَفِيهِ أَنَّ النُّفُوسَ جُبِلَتْ عَلَى الِاسْتِكْثَارِ مِنَ الدُّنْيَا وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى فَضْلِ الْقَنَاعَةِ وذم الشره وَفِيهِ الْإِخْبَارُ عَنِ الْأَمْرِ الْمُحَقَّقِ الْآتِي بِلَفْظِ الْمَاضِي

الصفحة 27