كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 5)

[4] فُلَيْحٌ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَحْمَدُ رَفِيقًا لِأَبِي الرَّبِيعِ فِي الرِّوَايَةِ عَنْ فُلَيْحٍ وَأَنْ يَكُونَ الْبُخَارِيُّ حَمَلَهُ عَنْهُمَا جَمِيعًا عَلَى الْكَيْفِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَحْمَدُ رَفِيقًا لِلْبُخَارِيِّ فِي الرِّوَايَةِ عَنْ أَبِي الرَّبِيعِ وَهُوَ الْأَقْرَبُ إِذْ لَوْ كَانَ الْمُرَادُ الْأَوَّلَ لَكَانَ يَقُولُ قَالَا حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ بِالتَّثْنِيَةِ وَلَمْ أَرَ ذَلِكَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأُصُولِ وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ أَيْضًا صَنِيعُ الْبَرْقَانِيِّ فَإِنَّهُ أَخْرَجَ الْحَدِيثَ فِي الْمُصَافَحَةِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْقَدْرَ الْمَذْكُورَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ عَنْ أَحْمَدَ عَنْ أَبِي الرَّبِيعِ عَنْ فُلَيْحٍ لَكِنْ وَقْعَ فِي أَطْرَافِ خَلَفٍ حَدَّثَنَا أَبُو رَبِيعٍ وَأَفْهَمَنِي بَعْضَهُ أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ فَإِنْ كَانَ مَحْفُوظًا فَلَعَلَّ لَفْظَ قَالَا سَقَطَ مِنَ الْأَصْلِ كَمَا جَرَتِ الْعَادَةُ بِإِسْقَاطِهَا كَثِيرًا فِي الْأَسَانِيدِ فَأَثْبَتَ بَعْضُهُمْ بَدَلَهَا قَالَ بِالْإِفْرَادِ وَبِمَا قَالَ خَلَفٌ جَزَمَ الدِّمْيَاطِيُّ وَأَمَّا جَزْمُ الْمِزِّيِّ بِأَنَّ الَّذِي ذَكَرَهُ خَلَفٌ وَهَمٌ فَلَيْسَ هَذَا الْجَزْمُ بِوَاضِحٍ وَزعم بن خلفون أَن أَحْمد هَذَا هُوَ بن حَنْبَلٍ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي وَجَوَّزَ غَيْرُهُ أَنْ يَكُونَ أَحْمَدَ بْنَ النَّضْرِ النَّيْسَابُورِيَّ وَبِهِ جَزَمَ الذَّهَبِيُّ فِي طَبَقَاتِ الْقُرَّاءِ وَقَدْ حَدَّثَ بِهِ عَن أبي الرّبيع الزهرائي مِمَّنْ يُسَمَّى أَحْمَدَ أَيْضًا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَاصِمٍ وَأَبُو يَعْلَى أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى وَغَيْرُهُمَا وَقَدْ ذَكَرْتُ فِي الْمُقَدِّمَةِ طَائِفَةً مِمَّنْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ فُلَيْحٍ مِمَّنْ تَسَمَّى أَحْمَدَ وَكَذَلِكَ مَنْ رَوَاهُ عَنْ أَبِي الرَّبِيعِ مِمَّنْ يُسَمَّى أَحْمَدَ أَيْضًا فَاللَّهُ أَعْلَمُ ثُمَّ سَاقَ الْمُصَنِّفُ حَدِيثَ الْإِفْكِ بِطُولِهِ مِنْ رِوَايَةِ فُلَيْحٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ مَشَايِخِهِ ثُمَّ مِنْ رِوَايَةِ فُلَيْحٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ مِثْلَهُ وَمِنْ رِوَايَةِ فُلَيْحٍ عَنْ رَبِيعَةَ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ مِثْلَهُ وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ النُّورِ وَبَيَانُ مَا زَادَتْ رِوَايَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ عَلَى رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ وَمَا نَقَصَتْ عَنْهَا وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ عَنْ جَمَاعَةٍ أَخْبَرُوهُ بِهِ عَنْ أَبِي الرَّبِيعِ وَزَادَ فِي آخِرِهِ عَنْ فُلَيْحٍ قَالَ وَسَمِعْتُ نَاسًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُونَ إِنَّ أَصْحَابَ الْإِفْكِ جُلِدُوا الْحَدَّ قُلْتُ وَسَيَأْتِي لِذَلِكَ إِسْنَادٌ آخَرُ فِي كِتَابِ الِاعْتِصَامِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَالْغَرَضُ مِنْهُ هُنَا سُؤَالُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَرِيرَةَ عَنْ حَالِ عَائِشَةَ وَجَوَابُهَا بِبَرَاءَتِهَا وَاعْتِمَادُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَوْلِهَا حَتَّى خَطَبَ فَاسْتَعْذَرَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ وَكَذَلِكَ سُؤَالُهُ مِنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ عَنْ حَالِ عَائِشَةَ وَجَوَابُهَا بِبَرَاءَتِهَا أَيْضًا وَقَوْلُ عَائِشَةَ فِي حَقِّ زَيْنَبَ هِيَ الَّتِي كَانَتْ تُسَامِينِي فَعَصَمَهَا اللَّهُ بِالْوَرَعِ فَفِي مَجْمُوعِ ذَلِكَ مُرَادُ التَّرْجَمَةِ قَالَ بن بَطَّالٍ فِيهِ حُجَّةٌ لِأَبِي حَنِيفَةَ فِي جَوَازِ تَعْدِيلِ النِّسَاءِ وَبِهِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ وَوَافَقَ مُحَمَّدٌ الْجُمْهُورَ قَالَ الطَّحَاوِيُّ التَّزْكِيَةُ خَبَرٌ وَلَيْسَتْ شَهَادَةً فَلَا مَانِعَ مِنَ الْقَبُولِ وَفِي التَّرْجَمَةِ الْإِشَارَةُ إِلَى قَوْلٍ ثَالِثٍ وَهُوَ أَنْ تُقْبَلَ تَزْكِيَتُهُنَّ لِبَعْضِهِنَّ لَا لِلرِّجَالِ لِأَنَّ مَنْ مَنَعَ ذَلِكَ اعْتَلَّ بِنُقْصَانِ الْمَرْأَةِ عَنْ مَعْرِفَةِ وُجُوهِ التَّزْكِيَةِ لَا سِيَّمَا فِي حَقِّ الرِّجَالِ وَقَالَ بن بَطَّالٍ لَوْ قِيلَ إِنَّهُ تُقْبَلُ تَزْكِيَتُهُنَّ بِقَوْلٍ حَسَنٍ وَثَنَاءٍ جَمِيلٍ يَكُونُ إِبْرَاءً مِنْ سُوءٍ لَكَانَ حَسَنًا كَمَا فِي قِصَّةِ الْإِفْكِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ قَبُولُ تَزْكِيَتِهِنَّ فِي شَهَادَةٍ تُوجِبُ أَخْذَ مَالٍ وَالْجُمْهُورُ عَلَى جَوَازِ قَبُولِهِنَّ مَعَ الرِّجَالِ فِيمَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُنَّ فِيهِ قَوْلُهُ فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا أَخْرَجَ بِهَا مَعَهُ كَذَا لِلنَّسَفِيِّ وَلِأَبِي ذَرٍّ عَنْ غَيْرِ الْكُشْمِيهَنِيِّ وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ وَالْبَاقِينَ خَرَجَ وَهُوَ الصَّوَابُ وَلَعَلَّ الْأَوَّلَ أُخْرِجَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ قَوْلُهُ مِنْ جَزْعِ أَظْفَارٍ كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ ظِفَارٍ وَهُوَ أَصْوَبُ وَسَيَأْتِي تَوْضِيحُهُ عِنْدَ شَرْحِهِ قَوْلُهُ فَاسْتَيْقَظْتُ بِاسْتِرْجَاعِهِ حَتَّى أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ وَالنَّسَفِيِّ حِينَ أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ قَوْلُهُ وَقَدْ بَكَيْتُ لَيْلَتِي وَيَوْمًا فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ لَيْلَتَيْنِ وَيَوْمًا وَفِي رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ وَأَبِي الْوَقْتِ لَيْلَتِي وَيَوْمِي وَسَيَأْتِي بَقِيَّةُ أَلْفَاظِهِ عِنْدَ شَرْحِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

الصفحة 273