كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 5)

(قَوْلُهُ بَابُ بُلُوغِ الصِّبْيَانِ وَشَهَادَتِهِمْ أَيْ حَدِّ بُلُوغِهِمْ وَحُكْمِ شَهَادَتِهِمْ قَبْلَ ذَلِكَ)
فَأَمَّا حَدُّ الْبُلُوغِ فَسَأَذْكُرُهُ وَأَمَّا شَهَادَةُ الصِّبْيَانِ فَرَدَّهَا الْجُمْهُورُ وَاعْتَبَرَهَا مَالِكٌ فِي جِرَاحَاتِهِمْ بِشَرْطِ أَنْ يُضْبَطَ أَوَّلُ قَوْلِهِمْ قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقُوا وَقَبِلَ الْجُمْهُورُ أَخْبَارَهُمْ إِذَا انْضَمَّتْ إِلَيْهَا قَرِينَةٌ وَقَدِ اعْتَرَضَ بِأَنَّهُ تَرْجَمَ بِشَهَادَتِهِمْ وَلَيْسَ فِي حَدِيثَيِ الْبَابِ مَا يُصَرِّحُ بِهَا وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ الِاتِّفَاقِ عَلَى أَنَّ مَنْ حُكِمَ بِبُلُوغِهِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ إِذَا اتَّصَفَ بِشَرْطِ الْقَبُولِ وَيُرْشِدُ إِلَيْهِ قَوْلُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِنَّهُ لَحَدٌّ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ قَوْلُهُ وَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجل وَإِذا بلع الاطفال مِنْكُم الْحلم فليستأذنوا فِي هَذِهِ الْآيَةِ تَعْلِيقُ الْحُكْمِ بِبَلُوغِهِ الْحُلُمَ وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الِاحْتِلَامَ فِي الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ يَلْزَمُ بِهِ الْعِبَادَاتُ وَالْحُدُودُ وَسَائِرُ الْأَحْكَامِ وَهُوَ إِنْزَالُ الْمَاءِ الدَّافِقِ سَوَاءٌ كَانَ بِجِمَاعٍ أَوْ غَيْرِهِ سَوَاءٌ كَانَ فِي الْيَقَظَةِ أَوِ الْمَنَامِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ لَا أَثَرَ لِلْجِمَاعِ فِي الْمَنَامِ إِلَّا مَعَ الْإِنْزَالِ قَوْلُهُ وَقَالَ مُغيرَة هُوَ بن مقسم الضَّبِّيّ الْكُوفِي قَوْله وَأَنا بن ثِنْتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً جَاءَ مِثْلُهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَإِنَّهُمْ ذَكَرُوا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فِي السِّنِّ سِوَى اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً قَوْلُهُ وَبُلُوغُ النِّسَاءِ إِلَى الْحَيْضِ لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ واللائي يئسن من الْمَحِيض من نِسَائِكُم إِلَى قَوْله أَن يَضعن حَملهنَّ هُوَ بَقِيَّةٌ مِنَ التَّرْجَمَةِ وَوَجْهُ الِانْتِزَاعِ مِنَ الْآيَةِ لِلتَّرْجَمَةِ تَعْلِيقُ الْحُكْمِ فِي الْعِدَّةِ بِالْأَقْرَاءِ عَلَى حُصُولِ الْحَيْضِ وَأَمَّا قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ فَبِالْأَشْهُرِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ وُجُودَ الْحَيْضِ يَنْقُلُ الْحُكْمَ وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْحَيْضَ بُلُوغٌ فِي حَقِّ النِّسَاءِ قَوْلُهُ وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ صَالح هُوَ بن حَيٍّ الْهَمْدَانِيُّ الْفَقِيهُ الْكُوفِيُّ تَقَدَّمَ نَسَبُهُ فِي أَوَائِلِ الْكِتَابِ وَأَثَرُهُ هَذَا رُوِّينَاهُ مَوْصُولًا فِي الْمُجَالَسَةِ لِلدَّيْنَوَرِيِّ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ آدَمَ عَنْهُ نَحْوُهُ وَزَادَ فِيهِ وَأَقَلُّ أَوْقَاتِ الْحَمْلِ تِسْعُ سِنِينَ وَقَدْ ذَكَرَ الشَّافِعِيُّ أَيْضًا أَنَّهُ رَأَى جَدَّةً بِنْتَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ سَنَةً وَأَنَّهَا حَاضَتْ لِاسْتِكْمَالِ تِسْعٍ وَوَضَعَتْ بِنْتًا لِاسْتِكْمَالِ عَشْرٍ وَوَقَعَ لَبِنْتِهَا مِثْلُ ذَلِكَ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي أَقَلِّ سِنٍّ تَحِيضُ فِيهِ الْمَرْأَةُ وَيَحْتَلِمُ فِيهِ الرَّجُلُ وَهَلْ تَنْحَصِرُ الْعَلَامَاتُ فِي ذَلِكَ أَمْ لَا وَفِي السِّنِّ الَّذِي إِذَا جَاوَزَهُ الْغُلَامُ وَلَمْ يَحْتَلِمْ وَالْمَرْأَةُ وَلَمْ تَحِضْ يُحْكَمُ حِينَئِذٍ بِالْبُلُوغِ فَاعْتَبَرَ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ الْإِنْبَاتَ إِلَّا أَنَّ مَالِكًا لَا يُقِيمُ بِهِ الْحَدَّ لِلشُّبْهَةِ وَاعْتَبَرَهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْكَافِرِ وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي الْمُسْلِمِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ سِنُّ الْبُلُوغِ تِسْعَ عَشْرَةَ أَوْ ثَمَانَ عَشْرَةَ لِلْغُلَامِ وَسَبْعَ عَشْرَةَ لِلْجَارِيَةِ وَقَالَ أَكْثَرُ الْمَالِكِيَّةِ حَدُّهُ فِيهِمَا سَبْعَ عَشْرَةَ أَوْ ثَمَانَ عَشْرَةَ وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد وبن وَهْبٍ وَالْجُمْهُورُ حَدُّهُ فِيهِمَا اسْتِكْمَالُ خَمْسَ عَشْرَةَ سنة على مَا فِي حَدِيث بن عُمَرَ فِي هَذَا الْبَابِ

[2664] قَوْلُهُ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ كَذَا فِي جَمِيعِ الْأُصُولِ عُبَيْدُ اللَّهِ بِالتَّصْغِيرِ وَهُوَ أَبُو قُدَامَةَ السَّرَخْسِيُّ وَوَقع بِخَط بن الْعُكْلِيِّ الْحَافِظِ عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَبِذَلِكَ جَزَمَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْخِلَافِيَّاتِ فَأَخْرَجَ الْحَدِيثَ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ الْخَثْعَمِيُّ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ ثُمَّ قَالَ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ قُلْتُ وَهُوَ مَعْرُوفٌ بِالرِّوَايَةِ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ وَقَدْ أَخْرَجَ النَّسَائِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَبِي قُدَامَةَ السَّرَخْسِيِّ فَقَالَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ بَدَلَ أَبِي أُسَامَةَ فَهَذَا يُرَجِّحُ مَا قَالَ الْبَيْهَقِيُّ قَوْلُهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرَضَهُ يَوْم أحد وَهُوَ بن أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً فَلَمْ يُجِزْنِي فِيهِ الْتِفَاتٌ أَوْ تَجْرِيدٌ إِذْ كَانَ السِّيَاقُ يَقْتَضِي أَنْ يَقُولَ فَلَمْ يُجِزْهُ لَكِنَّهُ الْتَفَتَ أَوْ جَرَّدَ مِنْ نَفْسِهِ أَوَّلًا شَخْصًا فَعَبَّرَ

الصفحة 277