كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 5)

عَنْهُ بِالْمَاضِي ثُمَّ الْتَفَتَ فَقَالَ عَرَضَنِي وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى الْقَطَّانِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْمَغَازِي فَلَمْ يجزه وَفِي رِوَايَة مُسلم عَن بن نُمَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَرَضَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ فِي الْقِتَالِ فَلَمْ يُجِزْنِي وَقَوْلُهُ فَلَمْ يُجِزْنِي بِضَمِّ أَوَّلِهِ مِنَ الْإِجَازَةِ وَفِي رِوَايَة بن إِدْرِيسَ وَغَيْرِهِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عِنْدَ مُسْلِمٍ فَاسْتَصْغَرَنِي قَوْلُهُ ثُمَّ عَرَضَنِي يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَأَنَا بن خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَأَجَازَنِي لَمْ تَخْتَلِفِ الرُّوَاةُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فِي ذَلِكَ وَهُوَ الِاقْتِصَارُ عَلَى ذِكْرِ أُحُدٍ وَالْخَنْدَقِ وَكَذَا أخرجه بن حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ وَأَخْرَجَهُ بن سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ عَن أبي معشر عَن نَافِع عَن بن عُمَرَ فَزَادَ فِيهِ ذِكْرَ بَدْرٍ وَلَفْظُهُ عُرِضْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْم بدر وَأَنا بن ثَلَاثَ عَشْرَةَ فَرَدَّنِي وَعُرِضْتُ عَلَيْهِ يَوْمَ أُحُدٍ الحَدِيث قَالَ بن سَعْدٍ قَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ يَنْبَغِي أَنْ يكون فِي الخَنْدَق بن سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً اه وَهُوَ أَقْدَمُ مَنْ نعرفه اسْتشْكل قَول بن عمر هَذَا وَإِنَّمَا بناه على قَول بن إِسْحَاقَ وَأَكْثَرُ أَهْلِ السِّيَرِ أَنَّ الْخَنْدَقَ كَانَتْ فِي سَنَةِ خَمْسٍ مِنَ الْهِجْرَةِ وَإِنِ اخْتَلَفُوا فِي تَعْيِينِ شَهْرِهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي الْمَغَازِي وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ أُحُدًا كَانَتْ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ جَاءَ مَا قَالَ يزِيد أَنه يكون حِينَئِذٍ بن سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً لَكِنَّ الْبُخَارِيَّ جَنَحَ إِلَى قَوْلِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ فِي الْمَغَازِي أَنَّ الْخَنْدَقَ كَانَتْ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَقَدْ رَوَى يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ فِي تَارِيخِهِ وَمِنْ طَرِيقِهِ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ عُرْوَةَ نَحْوَ قَوْلِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ وَعَنْ مَالِكٍ الْجَزْمُ بِذَلِكَ وَعَلَى هَذَا لَا إِشْكَالَ لَكِنِ اتَّفَقَ أَهْلُ الْمَغَازِي عَلَى أَنَّ الْمُشْرِكِينَ لَمَّا تَوَجَّهُوا فِي أُحُدٍ نَادَوُا الْمُسْلِمِينَ مَوْعِدُكُمُ الْعَامَ الْمُقْبِلَ بَدْرٌ وَأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ إِلَيْهَا مِنَ السَّنَةِ الْمُقْبِلَةِ فِي شَوَّالٍ فَلَمْ يَجِدْ بِهَا أَحَدًا وَهَذِهِ هِيَ الَّتِي تُسَمَّى بَدْرَ الْمَوْعِدِ وَلَمْ يَقَعْ بِهَا قِتَالٌ فَتَعَيَّنَ مَا قَالَ بن إِسْحَاقَ أَنَّ الْخَنْدَقَ كَانَتْ فِي سَنَةِ خَمْسٍ فَيَحْتَاجُ حِينَئِذٍ إِلَى الْجَوَابِ عَنِ الْإِشْكَالِ وَقَدْ أجَاب عَنهُ الْبَيْهَقِيّ وَغَيره بِأَن قَول بن عمر عرضت يَوْم أحد وَأَنا بن أَرْبَعَ عَشْرَةَ أَيْ دَخَلْتُ فِيهَا وَأَنَّ قَوْلَهُ عرضت يَوْم الخَنْدَق وَأَنا بن خَمْسَ عَشْرَةَ أَيْ تَجَاوَزْتُهَا فَأَلْغَى الْكَسْرَ فِي الْأُولَى وَجَبَرَهُ فِي الثَّانِيَةِ وَهُوَ شَائِعٌ مَسْمُوعٌ فِي كَلَامِهِمْ وَبِهِ يَرْتَفِعُ الْإِشْكَالُ الْمَذْكُورُ وَهُوَ أَوْلَى مِنَ التَّرْجِيحِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ تَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ زعم بن التِّينِ أَنَّهُ وَرَدَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنَّ عرض بن عُمَرَ كَانَ بِبَدْرٍ فَلَمْ يُجِزْهُ ثُمَّ بِأُحُدٍ فَأَجَازَهُ قَالَ وَفِي رِوَايَةٍ عُرِضَ يَوْمَ أُحُدٍ وَهُوَ بن ثَلَاثَ عَشْرَةَ فَلَمْ يُجِزْهُ وَعُرِضَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَهُوَ بن أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً فَأَجَازَهُ وَلَا وُجُودَ لِذَلِكَ وَإِنَّمَا وجد مَا أَشرت إِلَيْهِ عَن بن سَعْدٍ أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ وَأَبُو مَعْشَرٍ مَعَ ضَعْفِهِ لَا يُخَالِفُ مَا زَادَهُ مِنْ ذِكْرِ بَدْرٍ مَا رَوَاهُ الثِّقَات بل يوافقهم الثَّانِي زعم بن نَاصِرٍ أَنَّهُ وَقَعَ فِي الْجَمْعِ لِلْحُمَيْدِيِّ هُنَا يَوْم الْفَتْح بدل يَوْم الخَنْدَق قَالَ بن نَاصِر وَالسَّابِق إِلَى ذَلِك بن مَسْعُودٍ أَوْ خَلَفٌ فَتَبِعَهُ شَيْخُنَا وَلَمْ يَتَدَبَّرْهُ وَالصَّوَابُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ وَتَلَقَّى ذَلِك بن الْجَوْزِيّ عَن بن نَاصِرٍ وَبَالَغَ فِي التَّشْنِيعِ عَلَى مَنْ وَهَمَ فِي ذَلِكَ وَكَانَ الْأَوْلَى تَرْكُ ذَلِكَ فَإِنَّ الْغَلَطَ لَا يَسْلَمُ مِنْهُ كَثِيرًا أَحَدٌ قَوْلُهُ قَالَ نَافِعٌ فَقَدِمْتُ عَلَى عُمَرَ هُوَ مَوْصُولٌ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور قَوْله ان هَذَا الْحَد بَين الصَّغِير وَالْكَبِير فِي رِوَايَة بن عُيَيْنَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ فَقَالَ هَذَا حَدُّ مَا بَيْنَ الذُّرِّيَّةِ وَالْمُقَاتِلَةِ قَوْلُهُ وَكَتَبَ إِلَى عُمَّالِهِ أَنْ يَفْرِضُوا لِمَنْ بَلَغَ خَمْسَ عَشْرَةَ زَادَ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَتِهِ وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَاجْعَلُوهُ فِي الْعِيَالِ وَقَوْلُهُ أَنْ يَفْرِضُوا أَيْ يُقَدِّرُوا لَهُمْ رِزْقًا فِي دِيوَانِ الْجُنْدِ وَكَانُوا يُفَرِّقُونَ بَيْنَ الْمُقَاتِلَةِ وَغَيْرِهِمْ فِي الْعَطَاءِ وَهُوَ الرِّزْقُ الَّذِي يُجْمَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَيُفَرَّقُ عَلَى مُسْتَحِقِّيهِ وَاسْتدلَّ بِقصَّة بن عُمَرَ عَلَى أَنَّ مَنِ اسْتَكْمَلَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً أُجْرِيَتْ عَلَيْهِ أَحْكَامُ

الصفحة 278