كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 5)

(قَوْلُهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فِي الشِّرْبِ)
وَقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كل شَيْء حَيّ أَفلا يُؤمنُونَ وَقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ إِلَى قَوْله فلولا تشكرون كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَزَادَ غَيْرُهُ فِي أَوَّلِهِ كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ وَلَا وَجْهَ لَهُ فَإِنَّ التَّرَاجِمَ الَّتِي فِيهِ غَالِبُهَا تَتَعَلَّقُ بِإِحْيَاءِ الْمَوَاتِ وَوَقَعَ فِي شرح بن بَطَّالٍ كِتَابُ الْمِيَاهِ وَأَثْبَتَ النَّسَفِيُّ بَابٌ خَاصَّةً وَسَاقَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ الْآيَتَيْنِ وَالشِّرْبُ بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمُرَادُ بِهِ الْحُكْمُ فِي قِسْمَةِ الْمَاءِ قَالَهُ عِيَاضٌ وَقَالَ ضَبَطَهُ الْأَصِيلِيُّ بِالضَّمِّ وَالْأَوَّلُ أولى وَقَالَ بن الْمُنِيرِ مَنْ ضَبَطَهُ بِالضَّمِّ أَرَادَ الْمَصْدَرَ وَقَالَ غَيْرُهُ الْمَصْدَرُ مُثَلَّثٌ وَقُرِئَ فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ مُثَلَّثًا وَالشِّرْبُ فِي الْأَصْلِ بِالْكَسْرِ النَّصِيبُ وَالْحَظُّ مِنَ الْمَاءِ تَقُولُ كَمْ شِرْبُ أَرْضِكُمْ وَفِي الْمثل آخرهَا شربا أقلهَا شربا قَالَ بن بَطَّالٍ مَعْنَى قَوْلِهِ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْء حَيّ أَرَادَ الْحَيَوَانَ الَّذِي يَعِيشُ بِالْمَاءِ وَقِيلَ أَرَادَ بِالْمَاءِ النُّطْفَةَ وَمَنْ قَرَأَ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيًّا دَخَلَ فِيهِ الْجَمَادُ أَيْضًا لِأَنَّ حَيَاتَهَا هُوَ خُضْرَتُهَا وَهِيَ لَا تَكُونُ إِلَّا بِالْمَاءِ قُلْتُ وَهَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا يَخْرُجُ مِنَ الْقِرَاءَةِ الْمَشْهُورَةِ وَيَخْرُجُ مِنْ تَفْسِيرِ قَتَادَةَ حَيْثُ قَالَ كُلُّ شَيْءٍ حَيٍّ فَمِنَ الْمَاءِ خلق أخرجه الطَّبَرِيّ عَنهُ وروى بن أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَاءِ النُّطْفَةُ وَرَوَى أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي مَيْمُونَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي عَنْ كُلِّ شَيْءٍ قَالَ كُلُّ شَيْءٍ خُلِقَ مِنَ الْمَاءِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ قَوْلُهُ أجاجا مُنْصَبًّا هُوَ فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي وَحْدَهُ وَهُوَ تَفْسِير بن عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٍ وَقَتَادَةَ أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ عَنْهُمْ قَوْلُهُ الْمُزْنُ السَّحَابُ هُوَ تَفْسِيرُ مُجَاهِدٍ وَقَتَادَةَ أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ عَنْهُمَا وَقَالَ غَيْرُهُمَا الْمُزْنُ السَّحَابُ الْأَبْيَضُ وَاحِدُهُ مُزْنَةٌ قَوْلُهُ وَالْأُجَاجُ الْمُرُّ هُوَ تَفْسِيرُ أبي عُبَيْدَة فِي مَعَاني الْقُرْآن وَأخرجه بن أَبِي حَاتِمٍ عَنْ قَتَادَةَ مِثْلَهُ وَقِيلَ هُوَ الشَّدِيدُ الْمُلُوحَةِ أَوِ الْمَرَارَةِ وَقِيلَ الْمَالِحُ وَقِيلَ الْحَار حَكَاهُ بن فَارِسٍ قَوْلُهُ فُرَاتًا عَذْبًا هُوَ فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي وَحْدَهُ وَهُوَ مُنْتَزَعٌ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى فِي السُّورَة الْأُخْرَى هَذَا عذب فرات وروى بن أَبِي حَاتِمٍ عَنِ السُّدِّيِّ قَالَ الْعَذْبُ الْفُرَاتُ الحلو

الصفحة 29