كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 5)
فِيهِ وَفِيهِ الْمُحَافَظَةُ عَلَى مَا يُتَبَرَّكُ بِهِ لِقَوْلِ جَابِرٍ لَا تُفَارِقُنِي الزِّيَادَةُ وَفِيهِ جَوَازُ الزِّيَادَةِ فِي الثَّمَنِ عِنْدَ الْأَدَاءِ وَالرُّجْحَانِ فِي الْوَزْنِ لَكِنْ بِرِضَا الْمَالِكِ وَهِيَ هِبَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ حَتَّى لَوْ رُدَّتِ السِّلْعَةُ بِعَيْبٍ مَثَلًا لَمْ يَجِبْ رَدُّهَا أَوْ هِيَ تَابِعَةٌ لِلثَّمَنِ حَتَّى تُرَدَّ فِيهِ احْتِمَالٌ وَفِيهِ فَضِيلَةٌ لِجَابِرٍ حَيْثُ تَرَكَ حَظَّ نَفْسَهُ وَامْتَثَلَ أَمْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ بِبَيْعِ جَمَلِهِ مَعَ احْتِيَاجِهِ إِلَيْهِ وَفِيهِ مُعْجِزَةٌ ظَاهِرَةٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَوَازُ إِضَافَةِ الشَّيْءِ إِلَى مَنْ كَانَ مَالِكَهُ قَبْلَ ذَلِكَ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى صِحَّةِ الْبَيْعِ بِغَيْرِ تَصْرِيحٍ بِإِيجَابٍ وَلَا قَبُولٍ لِقَوْلِهِ فِيهِ قَالَ بِعْنِيهِ بِأُوقِيَّةٍ فَبِعْتُهُ وَلَمْ يَذْكُرْ صِيغَةً وَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّ عَدَمَ الذِّكْرِ لَا يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ الْوُقُوعِ وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَطَاءٍ الْمَاضِيَةِ فِي الْوَكَالَةِ قَالَ بِعْنِيهِ قَالَ قَدْ أَخَذْتُهُ بِأَرْبَعَةِ دَنَانِيرَ فَهَذَا فِيهِ الْقَبُولُ وَلَا إِيجَابَ فِيهِ وَفِي رِوَايَةِ جَرِيرٍ الْآتِيَةِ فِي الْجِهَادِ قَالَ بَلْ بِعْنِيهِ قُلْتُ لِرَجُلٍ عَلَيَّ أُوقِيَّةُ ذَهَبٍ فَهُوَ لَكَ بِهَا قَالَ قَدْ أَخَذْتُهُ فَفِيهِ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ مَعًا وَأَبْيَنُ مِنْهَا رِوَايَة بن إِسْحَاقَ عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ عِنْدَ أَحْمَدَ قُلْتُ قَدْ رَضِيتُ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ فَهُوَ لَكَ بِهَا قَالَ قَدْ أَخَذْتُهُ فَيُسْتَدَلُّ بِهَا عَلَى الِاكْتِفَاءِ فِي صِيَغِ الْعُقُودِ بِالْكِنَايَاتِ تَكْمِيلٌ آلَ أَمْرُ جَمَلِ جَابِرٍ هَذَا لِمَا تَقَدَّمَ لَهُ مِنْ بَرَكَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مَآلٍ حَسَنٍ فَرَأَيْتُ فِي تَرْجَمَةِ جَابر من تَارِيخ بن عَسَاكِرَ بِسَنَدِهِ إِلَى أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ فَأَقَامَ الْجَمَلَ عِنْدِي زَمَانَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فَعَجَزَ فَأَتَيْتُ بِهِ عُمَرَ فَعَرَفَ قِصَّتَهُ فَقَالَ اجْعَلْهُ فِي إِبِلِ الصَّدَقَةِ وَفِي أَطْيَبِ الْمَرَاعِي فَفَعَلَ بِهِ ذَلِك إِلَى أَن مَاتَ
(قَوْلُهُ بَابُ الشُّرُوطِ فِي الْمُعَامَلَةِ)
أَيْ مِنْ مُزَارَعَةٍ وَغَيْرِهَا ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَيْنِ أَحَدُهُمَا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي تَوَافُقِ الْمُهَاجِرِينَ أَنْ يَكْفُوا الْأَنْصَار الْمُؤْنَة وَالْعَمَلَ وَيُشْرِكُوهُمْ فِي الثَّمَرَةِ مُزَارَعَةً وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي فَضْلِ الْمَنِيحَةِ فِي أَوَاخِرِ الْهِبَةِ وَالشَّرْطُ الْمَذْكُورُ لُغَوِيٌّ اعْتَبَرَهُ الشَّارِعُ فَصَارَ شَرْعِيًّا لِأَنَّ تَقْدِيرَهُ إِنْ تَكْفُونَا نَقْسِمْ بَيْنَكُمْ ثَانِيهمَا حَدِيث بن عُمَرَ فِي قِصَّةِ مُزَارَعَةِ أَهْلِ خَيْبَرَ ذَكَرَهُ مُخْتَصَرًا وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي الْمُزَارَعَةِ
الصفحة 322