كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 5)

لَا تُخْرِجْنَا وَدَعْنَا كَمَا أَقَرَّنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ أَتَرَاهُ سَقَطَ عَلَيَّ قَوْلُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ بِكَ إِذَا رَقَصَتْ بِكَ رَاحِلَتُكَ نَحْوَ الشَّامِ يَوْمًا ثُمَّ يَوْمًا ثُمَّ يَوْمًا فَقَسَمَهَا عُمَرُ بَيْنَ مَنْ كَانَ شَهِدَ خَيْبَرَ مِنْ أَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ قَالَ الْبَغَوِيُّ هَكَذَا رَوَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ حَمَّادٍ وَرَوَاهُ الْوَلِيدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ حَمَّادٍ بِغَيْرِ شَكٍّ قُلْتُ وَكَذَا رُوِّينَاهُ فِي مُسْنَدِ عُمَرَ النَّجَّارِ مِنْ طَرِيقِ هُدْبَةَ بْنِ خَالِدٍ عَنْ حَمَّادٍ بِغَيْرِ شَكٍّ وَفِيهِ قَوْلُهُ رَقَصَتْ بِكَ أَيْ أَسْرَعَتْ فِي السَّيْرِ وَقَوْلُهُ نَحْوَ الشَّامِ تَقَدَّمَ فِي الْمُزَارَعَةِ أَنَّ عُمَرَ أَجَلَاهُمْ إِلَى تَيْمَاءَ وَأَرِيحَاءَ تَنْبِيهٌ وَقَعَ لِلْحُمَيْدِيِّ نِسْبَةُ رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ مُطَوَّلَةً جِدًّا إِلَى الْبُخَارِيِّ وَكَأَنَّهُ نَقَلَ السِّيَاقَ مِنْ مُسْتَخْرَجِ الْبَرْقَانِيِّ كَعَادَتِهِ وَذَهَلَ عَنْ عَزْوِهِ إِلَيْهِ وَقَدْ نَبَّهَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ عَلَى أَنَّ حَمَّادًا كَانَ يُطَوِّلُهُ تَارَةً وَيَرْوِيهِ تَارَةً مُخْتَصَرًا وَقَدْ أَشَرْتُ إِلَى بَعْضِ مَا فِي رِوَايَتِهِ قَبْلُ قَالَ الْمُهَلَّبُ فِي الْقِصَّةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْعَدَاوَةَ تُوَضَّحُ الْمُطَالَبَةَ بِالْجِنَايَةِ كَمَا طَالَبَ عُمَرُ الْيَهُودَ بِفَدَعِ ابْنِهِ وَرَجَّحَ ذَلِكَ بِأَنْ قَالَ لَيْسَ لَنَا عَدُوٌّ غَيْرَهُمْ فَعَلَّقَ الْمُطَالَبَةَ بِشَاهِدِ الْعَدَاوَةِ وَإِنَّمَا لَمْ يَطْلُبِ الْقِصَاصَ لِأَنَّهُ فُدِعَ وَهُوَ نَائِمٌ فَلَمْ يَعْرِفْ أَشْخَاصَهُمْ وَفِيهِ إِنَّ أَفْعَالَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَقْوَالَهُ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْحَقِيقَةِ حَتَّى يقوم دَلِيل الْمجَاز

الصفحة 329